في الذكرى الرابعة على انطلاقتها… ثورة تشرين بحاجة إلى تغيير

مشروع ذاكرة بقلم محمود فقيه

عضو المكتب السياسي في تحالف وطني

يشغلك الحنين كل عام مع اقتراب السابع عشر من تشرين. تاريخ تلك الليلة التي انقسم حولها اللبنانيون. من عارضها نسبها إلى الطرف السياسي الآخر، فجماعة 14 قالوا أن حزب الله اطلقها وجماعة الممانعة اتهموا بأن مطلقيها من جماعة “السفارات”.

منذ إطلاقها مرت الثورة في مطبات عدة، لن أسرد كيف حاول كل من حزب الله وحزب القوات اللبنانية بركوب الثورة عبر حفلات تنكرية مكشوفة ولكن سأسرد ما مررنا به وأثر على زخم الشارع.

لم يكن الواقع الاقتصادي العامل الأول، إلا أن كورونا سجنتنا في منازلنا وبتنا نخشى التجمعات، وفرضت تلك الجائحة على البشر أنماطاً مسلكية تخشى الاحتكاكات وتفضل عدم المشاركة في تجمعات. كان لوقع انفجار المرفأ تأثيراً مدوياً في وجدان اللبنانيين وكاد الحدث أن يفجر ثورة عارمة لولا وصول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. شعر اللبنانيون لبرهة بأن الحساب قد حان، إلا أن ماكرون أحبط الشارع وقام بتعويم رموز الفساد في قصر الصنوبر. ولكن الثورة لعبت دوراً بارزاً في تلك المرحلة بديلا عن الدولة فيم يخص مهام الإغاثة وتنظيف المناطق المتضررة.

يحل في المرتبة الثالثة العامل الاقتصادي، إذ أن انهيار القدرة الشرائية حالت دون مشاركة المواطنين في التحركات بسبب ارتفاع أسعار أجرة النقل وما عاد بمستطاع أحد المشاركة بتحركات مركزية.
كل ما تم تذكره لم يؤثر على صورة الثورة في أذهان مريديها، إلا ان ما طرأ على مسار الثورة وخاصة ما بعد الانتخابات جعلت من الثورة حاجة جديدة بعد تعذر التغيير.
كانت الانتخابات النيابة اختباراً مفصلياً عبر فيه نحو ثلاثمئة ألف دعمهم للوائح “التغيير”.

دخلت الثورة إلى البرلمان وانكفأ الشارع، الناس يسألون عن الثوار الذين تحركوا على ضريبة تطبيقات الهاتف. والمتهكم الذي يسأل لا يجرؤ على الاعتراض عبر شرفة منزله لارتباطه بأحزاب المنظومة.

ولكن غياب الناس عن التحركات، وتفاعلهم الخجول عبر منصات التواصل الاجتماعي يدفع بالتغييريين إلى التفكير جدياً بالتغيير الذي تحتاجه ثورة تشرين. وهذا التغيير يبدأ بالاعتراف بأن ثورة 17 تشرين قد انتهت ولا بد من ترقب ثورة أخرى.

التغيير المطلوب هو كيفية بلورة مقاربات جديدة في العمل والاستقطاب والتحفيز. الثورة يجب أن تنطلق من مهد الطفولة والصفوف المدرسية الأولى إذا إن الوعي الجمعي لا يمكن أن نحصله ما لم يكن هناك ثورة ثقافية في الحيّ و المدرسة والعائلة.

من من التغييريين يناقش من هم حوله أو نجح في إقناعهم بالآونة الأخيرة عن سبب بقائه على إيمانه بالثورة. اليوم على التغييرين قراءة نقدية لثورته بعد دخلوا البرلمان وخمدت انتفاضتهم. عليه وضع أطر جديدة للعمل ضمن القطاعات، لا يمكن الاعتماد على عفوية الشارع مجددًا إن لم تنتظم “الثورة” لتضيع من أيدي قادة الشارع في أي لحظة إذا ما اندلعت مجدداً كم حصل منذ عام 2011.

منذ هذه اللحظة على المجتمع المعارض لمنظومة السلطة وملحقاتها وما استجد عليه من قوى التحضير للانتخابات 2026 عبر بيانات وإحصاءات ودراسة للواقع الديموغرافي مع الضغط على البرلمانيين لفرض قانون انتخابي جديد.

من المهم جداً، الانخراط في حوار شامل بين مختلف القوى الموجودة في لبنان على صعيد القاعدة الشبابية من شتى أنواع الانتماءات لكون الشباب هم العامل الأهم في بناء الأوطان.

ولا يمكن تقييم الثورة دون التفكر الجلي في التغيير الذي يطرأ على المنطقة والخلل المستجد في موازين القوى، والانفجار المرتقب الذي من الممكن أن يكون للإيراني دوراً اكثر تأثيراً فيه إلى جانب الدور الروسي ولن تكون فيه إيران في مواجهة مع الأميركي ولا حتى المعسكر الغربي بل أقرب إليهما.

ما نظرة الثورة في الانكسار الإسرائيلي في طوفان الأقصى والموقف من الصراع العربي الفلسطيني ومجدداً سلاح حزب الله والفصائل الفلسطينية، دون غض النظر عما يستجد في سوريا من نظام حكم وعلاقات أعيد تفعيلها ؟! هذه الأسئلة يجب أن تجيب عنها الثورة للحديث بعمق لا بسطحية.

إضافة إلى ما سبق، يبقى التضامن والترابط والتراصف بغية تشكيل جبهة سياسية واسعة من أحزاب ومجموعات سياسية وشخصيات فاعلة وهي الجبهة التي طالما انتظرها اللبنانيون خلال ثورة أكتوبر.

وطوبى لمن اتعظ.

اخترنا لك