بقلم محمود شعيب – كاتب وناشط سياسي
في زمن الحروب والأزمات، يُظهر بعض البشر أسوأ ما فيهم، إذ يستغلون الفوضى لتحقيق مكاسب على حساب الآخرين، غير مبالين بالقيم الإنسانية والأخلاقية. وهذا ما حدث عندما تعرضت محلاتي للسرقة في جنوب لبنان من قبل عناصر ينتمون إلى وحدة الحماية في “حزب الله”، وموظفين من مستشفى راغب حرب، وذلك بقرار تنظيمي، فقط لأنني صاحب فكر حر ومعارض لسياسات هذا الحزب، ولست جزءًا من قطيعه المتبني لثقافة “الجهل المقدس”.
السرقة جريمة وعقوبتها مضاعفة في زمن الحرب
السرقة في الظروف العادية جريمة أخلاقية وقانونية، ولكن عندما تحدث في وقت الحرب والفوضى، فإنها تتحول إلى عمل خسيس يعكس الانحطاط الأخلاقي والجُبن والخبث. فاللصوص الذين ينتهزون الأوضاع غير المستقرة لنهب ممتلكات الآخرين ليسوا سوى انتهازيين يختبئون خلف سلاحهم وشعاراتهم الزائفة (نحمي ونبني)، الذي سقط وأصبح (نهجر، ندمر، نسرق)، ويفتقرون إلى أي حس بالعدالة أو الشرف.
“حزب الله” وثقافة استباحة المنازل التي تعرضت للتدمير وسرقة الحقوق والممتلكات
ليس غريبًا أن تأتي هذه الجريمة من أفراد منتمين إلى “حزب الله”، الحزب الذي جعل من الاستبداد والتخوين والقمع منهجًا، واستباحة حقوق الناس جزءًا من عقيدته السياسية. في ظل هذا الحزب، أصبح التعدي على الممتلكات وسرقتها والتضييق والاعتداء على المعارضين سلوكًا معتادًا، تحت ذرائع دينية ووطنية زائفة لا تخدم إلا مصلحة قيادته الفاسدة في الجنوب.
عندما يتم استغلال السلطة والنفوذ للنهب والسرقة، وعندما يتحول “الحماة” إلى سارقين، فهذا يعني أن المشروع الذي يدّعي حماية الجنوبيين قد تحول إلى عصابة تمتهن السلب والنهب، متسترة بشعارات المقاومة والتحرير.
المؤسسات الصحية التابعة للحزب: أوكار للفساد
حيث يتم تزوير فواتير المرضى التابعين له ووضعها على حساب وزارة الصحة، ناهيك عن استعمالها للأدوية الإيرانية التي لا تتمتع بالمعايير ولا تخضع لرقابة وزارة الصحة.
لذلك، من غير المفاجئ أن يكون بعض موظفي مستشفى راغب حرب جزءًا من هذه الجريمة المدانة، فالمؤسسات التابعة لـ”حزب الله”، بدلًا من أن تكون مراكز لخدمة الناس، تحولت إلى أدوات للتمييز بين من هو داخل “القطيع” ومن هو خارجه. وبما أنني رفضت أن أكون جزءًا من هذه المنظومة الفاسدة، فإنهم رأوا في ممتلكاتي غنيمة حرب مستباحة، تمامًا كما استباحوا حقوق العديد من اللبنانيين الذين رفضوا الانصياع لمشروعهم.
الانحطاط الأخلاقي ووصمة العار
هذه الجريمة ليست مجرد حادثة سرقة عادية، بل هي انعكاس لحالة الانحطاط التي وصل إليها الحزب وأفراده. عندما تتحول بعض القوة العسكرية المرتزقة إلى أداة لسرقة المواطنين، وعندما يصبح الموظف الصحي أو العامل في مستشفى جزءًا من منظومة السطو، فهذا يعني أننا أمام انهيار أخلاقي كامل.
في النهاية، هذه الجرائم لا تُنسى، وستبقى وصمة عار في سجلكم، تمامًا كما ستبقى الحرية والاستقلالية الفكرية شوكة في حلق كل مستبد يظن أنه يستطيع إسكات الأحرار، يقمعهم أو يسرق ممتلكاتهم أو يروّعهم.