صباحكم قوة، صباحكم عزيمة لا تُكسر !

كتبت خلود وتار قاسم

تأملت طويلًا في طريق الآلام الذي سار عليه السيد المسيح عليه السلام، وفي سنوات الحصار القاسية التي عاشها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو يرى أصحابه يتساقطون من الجوع والبرد، بينما لا يجدون سوى ورق الشجر قوتًا يسد رمقهم. استحضرت لحظة حسرة موسى عليه السلام وهو يودع الدنيا في التيه، عاجزًا عن دخول القدس، لأن قومه خذلوه وخافوا المواجهة. لماذا؟ لماذا يُترك أنبياء الله في قلب المعاناة، بلا نصرة ظاهرة، بلا تدخل إلهي يختصر الطريق ويجعل الحق ينتصر فورًا؟

حين فكرت، وجدت أن الجواب نحن. نحن السبب. نحن الذين نحتاج إلى الدروس القاسية، إلى الاختبار الذي ينحت في أرواحنا بصيرة لا تخدعها الأوهام. فلولا الألم، لما رأوا بوضوح، ولولا المحن، لما اشتدت عزائمهم، ولولا المعاناة، لما وجدوا دافعًا واحدًا يُلهمهم الصمود والثبات.

لكن السؤال الذي يطاردني : هل نحن اليوم على حق فعلًا، أم أننا في معسكر الخطأ دون أن ندري ؟

الحق ليس شعارًا نردده، ولا كلمة نكتبها، بل موقف يُتخذ، وثمن يُدفع. وإن كنا نؤمن أننا أصحاب حق، فكيف نتردد؟ كيف نقبل التراجع؟ الأرض التي تخلّينا عنها لن تبكي علينا، بل ستحتضن غيرنا، ومن لم يكن أهلًا لحمل الأمانة، استبدله التاريخ بمن هو أقدر وأشجع.

إن تخاذلنا، فنحن لا نخذل أنفسنا فقط، بل نضع سابقة خطيرة تُثبت أن الحق يمكن أن يُهزم! وأن العالم لا يسير وفق ميزان العدل، بل وفق ميزان القوة. فلا تجعلوا الباطل يبدو منتصرًا، ولا تعطوا الظلم مظهر الشرعية بصمتكم.

اصبروا وصابروا، واجعلوا ثباتكم حصنًا لا يُخترق. اعلموا أن العالم لا يعادي الباطل، بل يعادي من يرفض أن يخضع له. والباطل يُنفق عليه المليارات ليُغطي زيفه، فلا تبخلوا على الحق بموقف، بصوت، بمواجهة!

صباحكم قوة، صباحكم عزيمة لا تُكسر !

اخترنا لك