هل يتعظ “حزب الله” ؟

بقلم عطالله وهبي – عضو لقاء سيدة الجبل

هو زمن “الدول الوطنية” في المنطقة وسقوط تجارب كل اللاعبين الداعين إلى مشاريع ما فوق وطنية وإقليمية.

في 27 شباط، من سجنه في جزيرة إمرالي على بحيرة مرمرة، حيث يقبع منذ عام 1999، وجّه أوجلان رسالة بعنوان “دعوة للسلام والمجتمع الديمقراطي”، عبّرت عن نداء تاريخي لحل حزب العمال الكردستاني “PKK” وإلقاء السلاح.

وضع أوجلان مشروعية تأسيس حزبه في سياق ظروف الحرب الباردة، وانتهى في ندائه مؤكدًا أن الحلول القومية المنفصلة، والفدرالية، والإدارات الذاتية “لن تجد استجابة من الشعب” وفق سيرورة الاجتماع السياسي التاريخية، ما يجعل الديمقراطية والعمل السياسي حلًا وحيدًا ولازمًا، و”لا سبيل سوى الديمقراطية والحوار الديمقراطي، ولا بقاء للجمهورية إلا بالديمقراطية”.

مرت العلاقات التركية – السورية بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية بمراحل خطرة وصلت إلى حافة الحرب، وسعى كل طرف إلى امتلاك “أوراق” ضد الطرف الآخر، فاستخدمت أنقرة ملف مياه نهري الفرات ودجلة، واستضافت “الإخوان المسلمين”، فيما أقامت دمشق علاقة مع “حزب العمال الكردستاني” وزعيمه عبدالله أوجلان.

لجأ عبدالله أوجلان إلى سوريا عام 1985، وفي عام 1998 حشدت تركيا جيشها على الحدود السورية ووجّهت إنذارًا، مطالبةً باسترداد أوجلان. اتخذ حافظ الأسد القرار الصعب وطرد أوجلان إلى أوروبا، لتخطفه بعدها المخابرات التركية من نيروبي في إفريقيا.

بعد عقود، يدفع السياق الإقليمي والدولي نحو تطورات عميقة ومهمة في المسألة الكردية، ولكن بالاتجاه المعاكس.

فقد قوّى سقوط النظام السوري أوراق تركيا في مواجهة المشاريع الانفصالية في الشمال السوري، لا سيما أنها تتفق مع القيادة السورية الجديدة على وحدة الأراضي والمؤسسات السورية، ما وضع “قوات سوريا الديمقراطية – قسد” في موقف دفاعي صعب، بل وعزز أوراق التفاوض التركية مع الإدارة الأميركية، الداعم الأبرز لقسد.

كما أن انتخاب ترامب مجددًا أعاد إلى الأذهان أفكاره القديمة المتعلقة بضرورة سحب قوات بلاده من سوريا، وهو ما يضع قسد في مهب الريح، سوريًا أولًا، وفي البعد الإقليمي ثانيًا.

فهم مظلوم عبدي، زعيم “قسد”، أبعاد المتغيرات المحلية والإقليمية، وبعد أسبوعين من نداء أوجلان، توجّه إلى أحمد الشرع ووقّعا معًا اتفاقًا يُفترض تطبيقه في نهاية العام، لدمج “قوات سوريا الديمقراطية – قسد” في مؤسسات الدولة السورية.

اخترنا لك