بعد خسارة #لبنان و #سوريا، #إيران أمام خيار السلام أو الاستسلام

بقلم يوسف مرتضى

بلغ النفوذ الإيراني ذروته في المنطقة العربية عام 2015 مع توقيع الاتفاق النووي في عهد إدارة أوباما الديمقراطية. شكّل ذلك النفوذ مصدر مباهاة وتبجّح إيراني، عبّر عنه صراحة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري آنذاك، قاسم سليماني، عندما قال: “إيران أصبحت تقرر في أربع عواصم عربية: بغداد، صنعاء، دمشق، وبيروت.”

بداية العد العكسي للنفوذ الإيراني

بدأ العد العكسي لتراجع النفوذ الإيراني عندما فسخ الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاتفاق النووي مع إيران من جانب واحد في بداية عهده الأول عام 2016. ثم جاء اغتيال قاسم سليماني في نهاية ولايته عام 2020، وهو ما كشف عجز النظام الإيراني عن الرد بالمثل، فاكتفى بردٍّ مسرحي منسّق مع الجانب الأميركي.

شكّل مستوى الرد العسكري الإسرائيلي، المدعوم بلا حدود من دول الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، على عملية طوفان الأقصى إنذارًا لإيران بأن لا تسامح مع نفوذها وتمددها في المنطقة، رغم مسارعة القيادة الإيرانية إلى نفي أي علاقة لها بالعملية.

سقوط حزب الله وانهيار النظام السوري

جاء تورط حزب الله في فتح جبهة إسناد غزة من جنوب لبنان ليمنح إسرائيل والغرب الذريعة لتوجيه ضربة قاصمة لأقوى أذرع إيران في المنطقة. أدت هذه الضربة إلى:

• تصفية قيادات حزب الله من الصفين الأول والثاني

• مقتل الآلاف من مقاتليه

• تدمير بنيته العسكرية

• إلحاق دمار هائل في قرى وبلدات الجنوب اللبناني الحدودية، وفي بيروت والضاحية الجنوبية والبقاع

بنتيجة هذا العدوان، فرضت إسرائيل اتفاقًا مذلًا على حزب الله، يدفع لبنان ثمنه من خلال وصاية أميركية بقيادة ضابط أميركي، تحت ذريعة مراقبة تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 بكل مندرجاته.

ومع انهيار درة التاج الإيرانية في لبنان، انهار نظام الأسد في سوريا، وخسرت إيران نفوذها في كلا البلدين، بينما كان العراق قد حيّد نفسه بقرار من حكومته عن المحور الإيراني. وهكذا، لم يبقَ في قبضة إيران من الأذرع سوى الحوثيين، الذين يستخدمون التهديدات للملاحة الدولية في البحر الأحمر، وإطلاق طائرات مسيّرة نحو إسرائيل بين الحين والآخر، بينما لم تنفّذ إيران حتى الآن وعدها بالرد على الضربة الإسرائيلية التي دمرت دفاعاتها الجوية ومصانعها الصاروخية.

مفاوضات تحت الضغط الأقصى

مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض مجددًا، فُتح مسار تفاوضي جديد بين إيران وأميركا، لكن هذه المرة تحت الضغط الأقصى الأميركي، وبوساطة روسية بناءً على تكليف أميركي، وافقت عليه إيران. وهكذا، أصبحت إيران في خطها الدفاعي الأخير بعد خسائرها في لبنان وسوريا.

السلام أم المواجهة؟

تواجه إيران اليوم خيارين:

1. الاستجابة للمطالب الأميركية والغربية في الملفات الثلاثة: النووي، البرنامج الصاروخي، والتمدد الأمني خارج حدودها.

2. التصلب والمواجهة، لا سيما بعد تصريحات المرشد الأعلى علي خامنئي والرئيس بزشكيان، التي دعت إلى رفض التفاوض تحت الضغط.

تصريح مستشار خامنئي، علي أكبر ولايتي، حول استمرار “المقاومة” في لبنان، واتهام نظام الشرع في سوريا لإيران بالضلوع في أحداث الساحل السوري بالتعاون مع فلول الأسد، كانت رسائل إيرانية موجهة للأميركيين بأن إيران لا تزال تمتلك نفوذًا في لبنان وسوريا.

لكن في ظل استعداد نتنياهو لتوجيه ضربة عسكرية لمراكز المفاعلات النووية الإيرانية، بدعم أميركي مطلق، قد يكون خيار المواجهة كارثيًا على إيران.

الخيار المرجّح: السلام تحت لغة المصالح

مع كل التصعيد في التصريحات، يبدو أن لغة المصالح التي يتبناها الإصلاحيون في إيران ستكون لها الغلبة في نهاية المطاف. من المرجح أن يكون الصيف – الخريف المقبل هو الفرصة الأخيرة لإيران لتجنب المواجهة والانخراط في مسار السلام، ما قد يؤدي إلى استقرار مستدام في الشرق الأوسط.

اخترنا لك