“انتحار طائفة”

بقلم د. علي خليفة

كما يقف الفرد على حافة هاوية ويهمّ بإلقاء نفسه، الجماعات كذلك قد تنتحر. يأخذها من يتولّى أمرها وتنقاد له بلا وعيٍ إلى فشله وحتفها.

الشيعة اليوم ينتحرون. الحافة الأمامية التي يتساقطون إزاءها ساقهم إليها قرار حرب الإسناد الفاشل. وقبله جرعات السم على شكل مشروع سياسي قاتل وعقيدة دينية هدّامة. سمّ دسّه مشروع “حزب الله” بواسطة التشيّع الخميني وثقافة الموت والخراب.

سلاح “حزب الله” اغتال قادة الرأي لدى الشيعة وطلائع مفكّريهم. واغتال سلاح “حزب الله” التاريخ السياسي للشيعة الذي بدأ يتشكّل بعد إعلان دولة لبنان الكبير واستقلال الجمهورية، ويتبلور حول مشروع نهائية الوطن اللبناني. واغتال سلاح “حزب الله” التاريخ الاجتماعي والثقافي للجماعة الشيعية في لبنان، فسلب منها هويتها وأحلّ محلّها ديناً جديداً ضد الدين وعقيدة تُهين كرامة الفرد وتصادر منه إمرة نفسه. أعداد قتلى الشيعة، الذين دفعهم حسن نصرالله وحده إلى التهلكة، في معارك الأخوة الألدّة لا في الضاحية وإقليم التفاح وفي حرب سوريا واليمن، ثم في عملية الوعد بلا علم، وأثناء المشاغلة الفارغة وما بعد بعد المساندة الخرقاء، أكبر من ضحايا اضطهاد الجزار للشيعة وحملات قمع الفرنسيين وعدوان إسرائيل!

“الموت لنا عادة” عنوان حادث تاريخي لا يتكرّر، فإذا ما تمّت استعادته ليصبح عقيدة فإنّه للانتحار الجماعي أقرب. وإذا كانت العقيدة تروّض معتنقيها على اقتفاء الموت لا الاحتفاء بالحياة، فأيّ إله هو ذا الذي لا يرضيه إلا حصاد الأنفس والأرواح؟

“لن نسلّم السلاح” شعار بائس. فليس السلاح من أجل السلاح! بل للدفاع والأمن، وتلك وظائف الدولة. ومَن يريد مِن الشيعة الذود عن أرضه وعرضه، فليلتحق ببساطة بالجيش، لا بولاية الفقيه!

لماذا عسكرة طائفةٍ بأسرها؟ أن يصبح كلّ الشيعة جنوداً وعلى أكتافهم نعوشهم وبين أيديهم أكفانهم وعلى ألسنتهم نعواتٌ موقوتة وفي كلّ بيت مأتم… هوذا الانتحار الجماعي للطائفة.

لماذا أسلمة المقاومة؟ أن تصبح المقاومة إسلامية – لا وطنية، مشروعٌ مقيت. جريمة بحق الشيعة أن لا يكون لهم وطن جغرافي، وحدود سياسية للدولة، ومصلحة عامة في إطار المجتمع…

أن تبقى المقاومة إلى ما شاء الله، وتستجلب الاحتلال مرة جديدة بعد التحرير، فتلك عربدة نكراء. المقاومة بكلّ مسمياتها وحتى الوطنية منها، تنتهي من أجل العودة إلى أسباب التنمية وشروطها، ولا تستمرّ بعد كلّ مغامرة غير محسوبة كأنّها صخرة سيزيف والمعاناة والشقاء بلا أفق والعودة العبثية إلى نقطة الصفر!

اخترنا لك