بقلم محمود شعيب – كاتب وناشط سياسي
لم يكن ينقص الجنوب اللبناني وأهله، الذي عانرى الويلات من الحرب المدمرة السابقة، إلا صواريخ لقيطة تهدد أمنه وتعرض حياة أبنائه الأبرياء للخطر.
إن إطلاق هذه الصواريخ، التي سقطت عشوائياً وكادت أن تتسبب بكارثة، يثير أسئلة جوهرية حول هوية مطلقيها، أهدافهم، والرسائل التي يرغبون في إيصالها.
أهالي الجنوب، الذين دفعوا أثماناً باهظة نتيجة قرارات سياسية وعسكرية خاطئة اتخذتها قوى مرتهنة للخارج، يجدون أنفسهم اليوم رهائن لمعادلات إقليمية لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
هؤلاء المدنيون الذين ذاقوا مرارة الاجتياحات والاعتداءات والحروب، وصمدوا في وجه الاحتلال والدمار، لا يمكن أن يقبلوا بأن يكونوا وقوداً لمغامرات سياسية أو عسكرية لا تأخذ في الاعتبار مصلحتهم وأمانهم.
إن إطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية، وبشكل همجي و غير محسوب، يطرح تساؤلات عن الجهة التي تقف خلفها، وعن الأهداف السياسية المرجوة من ورائها.
هل هي محاولة لخلط الأوراق داخلياً؟ أم رسالة موجهة للحكومة اللبنانية لإحراجها أمام المجتمع الدولي ،أم ردآ على تصريحات الرئيس نواف سلام؟ أم أنها ورقة ضغط ضمن صراع إقليمي لا علاقة للبنان به؟
الحكومة اللبنانية، وخلقها الجيش اللبناني،الذي بالكاد يحافظ على الحد الأدنى من السيطرة على البلاد، مطالَب اليوم بموقف واضح وحازم تجاه هذه التجاوزات. لا يمكن بعد الآن للبنان أن يكون ساحة مفتوحة وصندوق بريد لتصفية الحسابات الإقليمية، ولا يمكن للجنوب وأهله أن يتحملوا مجدداً ثمن سياسات متهورة أو رسائل دموية لا تخدم إلا أعداء الوطن.
إن المسؤولية الوطنية تفرض تحركاً سريعاً، ليس فقط لتحديد الفاعلين ومحاسبتهم، بل أيضاً لوقف كل أشكال العبث الأمني الذي يهدد استقرار البلد. يكفي الجنوب ما عاناه، وليُترك أهله ينعمون بسلام حقيقي، بعيداً عن حسابات الصراعات الكبرى التي لا تخدم سوى مشاريع التدمير والتخريب.