بقلم د. علي خليفة
عين السياسة والدين لدى “حزب الله” عقيدةٌ هجينة تقوم على اجتماع الطبيعتين السياسية والدينية في متقلّد السلطة، المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، المتولّي على الأمة حدّ العبث بالشرعية الشعبية وبأركان الدين من خلال ادّعاء حلول روح الله وسمات الأنبياء والأولياء في شخصه.
العين الثالثة لـ “حزب الله” هي الاقتصاد الموازي خارج الأطر الشرعية للتبادلات التجارية والمالية وآلياتها، ما يجعله جاذباً للعقوبات. يُقدّر الدعم المالي السنوي المتدفق لـ “حزب الله” من إيران بنحو مليار دولار، من مؤسسات تابعة للحرس الثوري الإيراني أو يشرف عليها المرشد. علاوة على ذلك، يعتمد “حزب الله” بالمرتبة الثانية، بعد المال الإيراني، على الخُمس وقد أعاد الخامنئي تعريفه عبر تحوير ما تضمّنه المذهب الجعفري بهذا الخصوص. فبعد أن كان الخُمس تدبيراً ظرفيّاً في مجتمع بلا دولة ذات أدوار في الاقتصاد، وكان يؤخذ من غنائم الحروب وممّا يزيد عن المؤونة الشخصية كل سنة، وكان يُستحقّ للسادة مع مفاضلات بالنسب العائلي بينهم ضمن ما يُعرف بسهم الإمام، وهو استنسابي إلى حد بعيد لجهة الصرف ووجهته وما يوازيه، فيُصرف على الفقراء والأيتام وأبناء السبيل.
الخُمس ليس بالزكاة إذن. وكلاهما مبحثان إشكاليان زمن الدولة الحديثة كجهاز ناظم للمجتمع، ووظيفتها الرعائية القائمة على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي تكفلها المواطنية، من خلال المساواة بين المواطنين كقيمة مستقلّة عن الانتماء الديني وترتبط بواجباتهم بتأدية الضريبة الواحدة.
الخُمس، كما حوّره النظام الإسلامي في إيران،انطلاقاً ممّا يتضمّنه المذهب الجعفري بتاريخيته وبسياقه ليستفيد منه “حزب الله”، من أجل تمويل نشاطاته العسكرية وإعادة تغذية مجهوده الحربي، يشكّل خروجاً على الاقتصاد الشرعي للدولة ويمكن استخدامه لتمويل الإرهاب بما يستقطب المزيد من العقوبات، وقد شملت لوائح وزارة الخزانة الأميركية لتاريخه أكثر من 80 من الكيانات والأفراد المنتسبين إلى “حزب الله” والمرتبطين به.
بالتفصيل، فإن المرشد الأعلى ينتدب من يمثّله خارج إيران، لجمع المستحقات الشرعية من الخُمس. في لبنان، يجمع الوكيل محمد يزبك هذه المستحقات من الشيعة، تحت إمرة المرشد الأعلى في إيران، الذي له نصفها، ونصفها الآخر فهو من يأذن بالاستفادة من ريعها في نشاطات “حزب الله” سيما العسكرية. هكذا بعض الشيعة، حين يدفعون ما يُسمّى الخُمس لوكلاء إيران، فإنهم يموّلون السلاح الذي كان السبب بتدمير قراهم بعد إعمار، واستجلاب الاحتلال بعد تحرير، وجذب العقوبات الأقسى… من أجل إيران وعلى عين الشرعية والدولة وبعد تحوير الدين.