بقلم كوثر شيا
في كل عام، نحتفل بيوم الأرض في 22 نيسان، وهو فرصة لنتوقف قليلاً ونتأمل: كيف نعيش على هذا الكوكب؟
هل نحن نحافظ عليه كما نحافظ على بيتنا؟ هل نشعر فعلاً أننا جزء منه؟
في الرؤية الشمولية، لا ننظر إلى الأرض فقط كمكان نعيش فيه، بل نراها ككائن حي، مثلنا تماماً، تتنفس، تنبض، وتشعر. الأرض تعطينا كل شيء: الهواء، الماء، الغذاء، الراحة، وحتى الطاقة التي تغذينا. لكننا، مع الأسف، في كثير من الأحيان نأخذ منها دون أن نعطي شيئاً في المقابل.
كيف نعيد الاتصال بالأرض؟
مع تطور الوعي، وخاصة بين الجيل الجديد، هناك عودة قوية إلى الوعي الطبيعي والروحي، إلى الإحساس العميق بأننا جزء من هذا الكوكب، ولسنا منفصلين عنه. وهذا ما يُعرف بـ “الوعي الشمولي” — أي أن كل شيء في الحياة مرتبط ببعضه البعض: الإنسان، الطبيعة، الحيوان، وحتى الطقس.
خطوات بسيطة لحماية الأرض بوعي جديد:
1. ابدأ بالتأمل في الطبيعة
خصّص وقتاً في يومك لتجلس في مكان طبيعي، حتى لو كانت شجرة واحدة فقط. خذ نفساً عميقاً، وكن حاضراً مع كل ما حولك. هذا يعيد لك الإحساس بالانتماء، ويقوي صلتك بالأرض.
2. استهلك بوعي
قبل أن تشتري شيئاً، اسأل نفسك:
• هل أحتاجه فعلاً؟
• من أين أتى؟
• هل يؤذي البيئة؟
عندما نشتري فقط ما نحتاجه، ونختار منتجات صديقة للبيئة، نخفف الضغط على موارد الأرض.
3. قلّل النفايات واستخدم الأشياء مرات عديدة
إعادة التدوير لا تكفي وحدها، الأهم أن نبدأ بالتقليل. خذ معك كيس قماش إلى السوق، استخدم زجاجة ماء قابلة لإعادة التعبئة، ولا ترمِ الطعام.
4. ازرع شيئاً، حتى لو كان صغيراً
حتى نبتة على الشرفة تُعدّ خطوة نحو الشفاء. النباتات تنقّي الهواء، وتعيد التوازن. كل يد تزرع، تشارك في بناء مستقبل أفضل.
5. شارك الآخرين الوعي
تحدّث مع من حولك عن أهمية الأرض. ليس بنبرة لوم، بل بمحبة. شارك الأطفال، شجّع أصدقاءك، كن قدوة.
6. استمع لصوت الأرض
كلما زاد وعيك، ستشعر بالأرض وكأنها تتكلم. حرارة الجو، الجفاف، الفيضانات… كلها رسائل. حين نستمع، نبدأ في الفهم، وعندها نستطيع أن نغيّر.
رسالة إلى الجيل الجديد
أنتم لستم مجرد سكان على هذه الأرض، أنتم جزء من صحوتها. الوعي الذي تحملونه الآن، والشعور القوي بالاتصال بالطبيعة والكون، هو ما تحتاجه الأرض لتشفى. لا تقللوا من قوة أفكاركم، مشاعركم، ونواياكم.
كل خطوة صغيرة تُحدث فرقاً كبيراً عندما تأتي من القلب، ومن روح واعية.
… وفي قلبي لبنان
وفي هذا اليوم، حين أغمض عيني وأتأمل في الأرض، لا يسعني إلا أن أعود إلى لبنان…
إلى ترابه الطيّب، إلى جباله التي تعانق السماء، إلى أرزه الذي يهمس بالحكمة، إلى بحره الذي يغسل القلب، وإلى ناسه الطيّبين الذين ما زال في عيونهم نور، رغم كل العتمة.
لبنان ليس وطناً فقط… هو مرآة للكون.
هو النقطة التي التقت فيها السماوات بالأرض، حيث مشى الأنبياء، وتجلّى الوحي، وتفتّحت زهرة الروح.
وفي أرض لبنان، أزرع النور.
نور الوعي، نور الشفاء، نور الاتصال العميق بين الإنسان والكون، بين القلب والتراب، بين الروح والشجرة.
أنا ابنة هذه الأرض، ابنة الرب،
وأنا أؤمن أن لبنان، رغم كل ما يمرّ به، سيعود من جديد، لا كبلد فقط، بل كمنارة للوعي، ورسالة حب وسلام تُزرع من جديد في تربة المرسلين.
لبنان أرض الرب… وأنا أغرس فيه بذور النور.