ندوة في المجلس الثقافي للبنان الجنوبي تناقش إعادة الإعمار بعد العدوان “الإسرائيلي” : الواقع والتحديات
رصد بوابة بيروت
نظّم المجلس الثقافي للبنان الجنوبي في مقره في برج أبو حيدر – بيروت، ندوة بعنوان “إعادة الإعمار بين الواقع والمرتجى”، وذلك ضمن سلسلة أنشطته الدورية، بحضور نخبة من المهتمين والمتابعين.
شارك في الندوة كل من الأستاذ محمد شمس الدين، مدير “الدولية للمعلومات”، والدكتور المهندس حبيب صادق، أستاذ الهندسة المعمارية في الجامعة اللبنانية، وأدارها الصحافي زهير دبس، الذي قدّم بدايةً عرضًا تأريخيًا لمسار الحرب المستمرة منذ 8 تشرين الأول 2023، وتداعياتها الممتدة حتى إعلان وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024، وما تلاه من خروقات متواصلة.
أكّد دبس أن “الخسائر المباشرة وغير المباشرة فاقت كلّ التوقّعات، ودمّرت دورة حياة مجتمعية كاملة، بما في ذلك الأبنية والممتلكات والبنى التحتية والخدمات الصحية والاقتصادية، إلى جانب القضاء شبه الكامل على قطاعات الزراعة وتربية المواشي والدواجن والنحل، ما يشكّل ضربة قاسية للاقتصاد المحلي”.
وتساءل عن آلية إعادة الإعمار وتكلفتها والجهة التي ستتولاها، في ظل غياب أرقام دقيقة لخسائر الجنوب والضاحية الجنوبية والبقاعَين.
من جهته، قارن الأستاذ محمد شمس الدين بين تجربة إعادة الإعمار بعد حرب تموز 2006، والدعم الخارجي الذي ساهم في تسريع تلك العملية، وبين المشهد الحالي الذي وصفه بـ”الأكثر دمارًا وتعقيدًا”، مشيرًا إلى ضبابية المشهد الراهن، وكلفة الإعمار الباهظة، وضرورة إعادة النازحين إلى قراهم بوصفها أولوية وطنية.
أما الدكتور المهندس حبيب صادق، فشدّد على أن “إعادة الإعمار ليست مجرد إعادة بناء عمراني، بل فرصة لإعادة صياغة العلاقة بين الماضي والحاضر، وبناء ثقة مجتمعية جديدة بين المواطن والدولة”. واعتبر أن العدوان “الهمجي” من قبل العدو الإسرائيلي لم يكن استهدافًا للبنية التحتية فقط، بل محاولة لاقتلاع الهوية والوجود، تمامًا كما جرى في نكبة فلسطين عام 1948.
وأشار صادق إلى أن الحواضر الواقعة جنوب الليطاني، وصولًا إلى بعلبك والضاحية، تعرّضت لتدمير ممنهج، شمل المعالم التراثية والنسيج البيئي، وتسبب في تهجير قسري للسكان. ولفت إلى أن التحديات لا تقتصر على إعادة الإعمار المادي، بل تشمل ملفات الفساد وضعف المؤسسات وغياب التخطيط.
وأكّد أن “المكان خواء بلا ناس”، داعيًا إلى حماية الإرث العمراني من الاندثار، وتوثيقه بشكل يتيح إنتاج معرفة محلية تخدم التنمية، وجعل الاستثمار في الريف والمدن المتضررة أولوية وطنية تتقدّم على المصالح الفردية.
وختم صادق بأن “التراث لا يجب أن يكون مجرّد حنين للماضي، بل أساسًا لبناء المستقبل”، معتبرًا أن الحفاظ على الهوية والخصوصيات البيئية والثقافية والاجتماعية يشكّل حجر الزاوية في مواجهة العدوان الاستعماري ومحاولات محو الذاكرة الجمعية.