بقلم كوثر شيا
في مشهد وطني مؤثّر، أحيا الصليب الأحمر اللبناني يوم الأحد في 27 نيسان 2025، الذكرى الأربعين لشهدائه الذين قدّموا أرواحهم فداءً للواجب الإنساني. وجاءت هذه المناسبة العزيزة هذا العام برعاية رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، لتأخذ طابعًا وطنيًا جامِعًا، عبّر عن وحدة الصليب الأحمر، بل وحدة لبنان كلّه.
أقيمت المراسم في الهواء الطلق داخل المدرّج الروماني في زوق مكايل، بمشاركة نحو 2000 شخص، من بينهم 1200 مسعف ومسعفة من مختلف المناطق اللبنانية، من الجنوب (شبعا، تبنين، صور، حاصبيا، رميش…) إلى الشمال (القبيات، طرابلس، الكورة…) مرورًا ببيروت وجبل لبنان، وبمشاركة مميّزة من مركز الإسعاف في قرنة شهوان، الذي نظّم هذه الاحتفالية الرائعة بقيادة دانيال الجميل.
حضر الاحتفال عدد من الشخصيات الرسمية والإنسانية، يتقدّمهم وزير الإعلام الدكتور بول مرقص ممثلاً فخامة رئيس الجمهورية، رئيس الصليب الأحمر اللبناني الدكتور أنطوان الزغبي، الأمين العام جورج كتانة، رئيسة جهاز الإسعاف والطوارئ السيدة روزي بولس، المدير التنفيذي أليكسي نعمة، السيدة أمينة بري فواز، ورئيس بلدية زوق مكايل السيد إيلي بعينو، إلى جانب ممثلين عن الهيئات الرسمية، البلديات، ووسائل الإعلام.
وكان لافتًا مشهد الحبّ العفوي الذي أظهره المسعفون تجاه السيّدة روزي بولس، التي استقبلت عند مدخل المدرج ممثلي مراكز الإسعاف الـ48 في لبنان، مقدّمةً لهم 48 غرسة زيتون كرمز للسلام والاستمرارية والتجذّر. هذا المشهد الإنساني البسيط جسّد عمق العلاقة بين القيادة والمتطوّعين، وجسّد المعنى الحقيقي لعائلة الصليب الأحمر.
كما تألقت الفنانة لين حايك على المسرح، بأداء مؤثّر لأغنيتها “الدم رغم الخلافات والنزاعات”، تحت قوس أحمر يرمز إلى التضحية، في لحظة فنية حملت رسالة الصليب الأحمر منذ تأسيسه على يد هنري دونان: “الدم لا يعرف دينًا، ولا لونًا، ولا طائفة… الإنسانية أوّلًا.”
إنها ليست مجرّد ذكرى، بل عهدٌ متجدّد بأن الصليب الأحمر سيبقى نبض الإنسانية في هذا الوطن، وفاءً لشهدائه، وتكريمًا لكل من يخدم تحت رايته بشجاعة ومحبة وتفانٍ.