#الداعشيّة المستجدّة… والتصدّي للطاعون الذي يتهدّد #المشرق

بقلم ماهر أبو شقرا – سياسي وكاتب لبناني

@MShackra

عندما تجتمع ميليشيات خاضت قتالاً طويلاً في سوريا تحت شعارات طائفيّة ضدّ نظام البعث الطائفيّ، مع مقاتلين أجانب يعتنقون الفكر الجهادي ولا تلزمهم أي روابط وطنية أو اجتماعية مع الشعب السوري، وسط رغبات جماعية جامحة بالانتقام من سنين القمع والإقصاء، فإنّ النتيجة لا بدّ أن تكون حراكاً طائفياً – جهادياً، يعيد إلى الأذهان ظاهرة تنظيم داعش الذي سقط آخر معاقله بيد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الكوردية في 23 آذار 2019.

وإنّ المأساة تكمن في أنّ هذا الحراك الداعشي لا زال قادراً على استقطاب أعداد من البؤساء والمهمّشين، وتضليلهم بأوهام استعادة المجد الضائع واسترجاع دولة الخلافة، وتنظيمهم وتوجيههم ضدّ الأقليات الطائفية والإثنية والسياسية بهدف إلغائها.

إنّ أحداث جرمانا وصحنايا الأخيرة، وقبلها الأحداث المروعة التي شهدها الساحل السوري ولم يزل، هي أحداث رهيبة ومؤلمة بالفعل، وتجسّد فصلاً جديداً من المآسي التي تعتصر بلدان المشرق. أمّا مبرّرات التصدّي لهجمات الفلول، التي يروّج لها أنصار النظام السوري الجديد، فهي حجج واهية لم تعد تنطلي على أحد.

أهالي جرمانا وصحنايا، وأهالي منطقة حوران، وأهالي الساحل ووادي النصارى، قد لا يجدون خياراً أمامهم إلا خيار الإدارة الذاتية الكاملة، على نسق المناطق الكوردية في الشمال الشرقي، إلى حين انجلاء الأمر في سوريا.

إنّما الخوف الأكبر يبقى على مصير الأقليات في المدن من جميع الطوائف، بما في ذلك السنّة المعتدلون والعلمانيون، الذين لن يسلموا من شرّ الطاعون الداعشي.

لا تسامح مع الداعشية المستجدّة، ولا تصالح مع واقعٍ تكون تلك الظاهرة جزءاً منه. الداعشيّة ليست مجرد تهديد عابر، بل طاعون خطير يتربّص بكل بلدان الإقليم.

وإذا لم يستكمل الشعب السوري ثورته، وإذا لم تتحول أرض سوريا إلى مقبرة للداعشية، فإن هذا الطاعون سيمتد ليهدّد الجميع، وعلى رأسهم لبنان. ولا لبنان، أو أي بلد آخر في هذا الإقليم، يمكنه تحمّل نشوء دولة على غرار طالبان على حدوده.

مواجهة تمدّد هذا الطاعون إلى لبنان لا يمكن أن تتم، حتماً، عبر مشروع ولاية الفقيه الإيراني، أو أي مشروع طائفي آخر، كما لم تنجح في سوريا عبر مشروع البعث الأسدي.

إنّ تعزيز الدولة ومؤسساتها، وبناء جيش قوي، والسير نحو جمهورية علمانية لامركزية اجتماعية، تفصل الدين عن السياسة، وتحافظ على التنوّع والتعددية، وتصون كرامة المجتمع هو الذي يحمي لبنان.

ولأنّ الداعشية تنمو في مستنقعات البؤس والذلّ والخوف، فلا بدّ من تحصين المجتمع عبر تحقيق العدالة الاجتماعية والرفاه والأمان للجميع.

اخترنا لك