يوم انتخابي بلون الأمل… ديمقراطية تنبض بالحياة وتوق للتغيير الحقيقي

بقلم كوثر شيا

بالأمس، عاشت منطقة جبل لبنان يوم انتخابي مميز، مليان حركة وحيوية، واختلفت فيه اللوائح والأسماء والخيارات، بس الشي اللي جمع الكل كان التوق الصادق لإنماء محلّي فعلي، نابع من الناس ورايح للناس.

اللوائح كانت متداخلة بمعظم البلدات، وترشّح فيها مستقلين، وجمعيات، وناس من قلب الضيعة، أوقات مع بعض وأوقات ضد بعض، وخلطوا بين القديم والجديد، بين اللي حامل إرث عائلي وبين اللي حامل طموح لمستقبل مختلف. صحيح ما كان في تنسيق كامل بين “المستقلين”، وصار في ارتباك ببعض الأماكن، بس مجرد إنو ناس كسرت حاجز الخوف، وقرّرت تترشح خارج الاصطفافات السياسية التقليدية، هو خطوة كبيرة بحد ذاتها—ثورة هادية على الجمود، واليأس، واللا أمل.

بس التحديات كانت واضحة. اللغة الانتخابية فيها فوضى، واللوائح ببعض المناطق ناقصة أو ارتجالية، والآليات بعدها بدائية. بعدنا نكتب بالأقلام، ونشطّب، وننسى نكتب الاسم بالكامل أو نغلط بالإملاء، وبعدنا ننطر ساعات وساعات لنعرف النتيجة. كل هيدا بيأكد إنو صار لازم نطوّر نظام الانتخابات البلدية ليصير عصري، واضح، وشفاف، متل ما بيستحق المواطن اللبناني.

رغم هالمشاكل، صار في مشاهد بتفرّح. ناس نزلت تزور بعضها، ترجع تتواصل، كبار وصغار عم يتناقشوا، يعبّروا، يسمعوا لبعض. في صدق وحماس وحب. وهيدا كله بيخلي الأمل يرجع ينبض فينا.

ومن الأمور اللي لازم نتوقّف عندها بإيجابية هالمرة، هو الحضور النسائي اللافت. سيدات قويات، مثقفات، ملتزمات، دخلوا على الخط، وحققوا فوز مستحق. بدعم من مبادرات متل “50-50”، قدروا يوصلوا، مش بس لأنهن نساء، بل لأنهن كفوءات. وجودن بالمجالس البلدية مكسب كبير، مش للنساء بس، بل لكل المجتمع.

وإذا بدنا نحكي بصراحة، لازم نذكر كمان بعض التجاوزات الخطيرة اللي ما لازم نطنّش عنها. عدد من المرشحين استعملوا شعارات وزارة الداخلية، أو حطّوا رموز رسمية على صفحاتن الخاصة، وعلى بوستات ومواد انتخابية، وكأنو في غطاء رسمي أو دعم من الدولة. وهيدا الشي تضليل واضح للناس، وبيخالف كل معايير الشفافية والعدالة. لازم ينحط حد لهالأساليب، ويصير في محاسبة واضحة من الجهات المختصة، خصوصاً إنو بهيك ممارسات، الناخب بينخدع، وبينفقد الثقة بالعملية الديمقراطية.

وغير هيك، إدارة الانتخابات بعدها، للأسف، عم تتبع طرق بدائية، بتفتح مجال للتشويش والتلاعب، وبتأخر النتايج، وبتخلق ارتباك عند الناس. التأخير الكبير بإعلان النتايج ببعض البلدات، وعدم وضوح بعض اللوائح، والتشطيب اللي بيخلط الحابل بالنابل، كلها مؤشرات بتدل على ضرورة إصلاح حقيقي للنظام البلدي الانتخابي، ليصير على قد تطلعات الجيل الجديد.

وإذا وسّعنا العدسة، منشوف إنو انتخابات بلديات جبل لبنان 2025، واللي كانت أول استحقاق بظل عهد الرئيس جوزيف عون، كشفت توازنات جديدة وصراعات بين القديم والجديد.

الأحزاب التقليدية مثل القوات اللبنانية والكتائب، ربحوا بجونيه وجبيل والمتن، بينما التيار الوطني الحر واجه تراجع ببعض مناطقه مثل كسروان.
اللوائح العائلية بقيت مسيطرة بكتير من المناطق مثل برجا وشحيم، وفازت لوائح مستقلة عالحزب التقدمي بالباروك.

المجتمع المدني حاول يخترق، ونجح بمناطق محدودة مثل الشويفات، بس فشل باختراق كبير بسبب ضعف التنظيم.

تيار الثورة ما قدر يحقّق نتائج ملموسة، وغياب التنسيق والتنظيم عندو خلّاه يغيب عن التأثير الجدي.

والمؤسف كمان، إنو نسبة الاقتراع كانت حوالي 45%، وسجّل أكتر من 500 شكوى، أغلبها عن شراء أصوات وخرق الصمت الانتخابي. وهيدا بيعكس إنو بعد في شغل كتير تنقدر نقول عن حالنا إنو عنا انتخابات نزيهة بلبنان.

وكل هيدا ما بيمنع إنو هاليوم كان درس، وتجربة، وتمرين جماعي على الوعي، وعلى الحلم، وعلى الإصرار. مش كل شي كان كامل، بس كل شي بيدل إنو في ناس بعدا عم تحاول.

فلنحمل من هاليوم بذور الغد: بلديات جديدة، بتشبهنا، بتحكي لغتنا، وبتشتغل كرمالنا. بلديات بتزرع زيتون وبتزرع أمل.

نحنا منكتب تاريخنا المحلّي، بوجوه جديدة، بعقل منفتح، وبقلب محب.

وبهالختام، منقول مبروك من القلب لكل اللي فازوا، خصوصاً اللي نالوا محبة وثقة أهلن بجدارة. فوزكن مش أرقام، فوزكن أمل جديد.

اليوم قدامكن فرصة تتركوا بصمة حقيقية ببلداتكن، وترجعوا الثقة لأهلكن وناخبينكن.

هيدا النهار رح يبقى بذاكرتنا، مش لأنه بس انتخابات، بل لأنه كان يوم التغيير، يوم ولادة حلم، وبدء طريق جديد إن شاء الله يكون مليان خير وعطاء.

اخترنا لك