بقلم خلود وتار قاسم
في مجتمعنا، لا يمكن تحقيق التقدم الحقيقي دون دعم النساء لبعضهن البعض. فالمرأة ليست فقط نصف المجتمع عدديًا، بل هي صانعة القيم، وناقلة الوعي، ومهندسة الأجيال. ولهذا فإن دعم المرأة للمرأة ليس ترفًا ولا شعارًا يُردّد في المؤتمرات، بل هو فعل نضالي واعٍ وموقف سياسي ومجتمعي في آنٍ واحد.
حين نظمت مؤتمر “نساء برلمانيات العالم” تحت قبة البرلمان الأردني، لم يكن الهدف مجرد لقاء بروتوكولي، بل أردته منصة حقيقية لإعلاء أصوات النساء من مختلف بقاع العالم، وخصوصًا من وطني لبنان. في ذلك الوقت، كان لبنان معزولًا، ومحاصرًا سياسيًا، ولم يُرَد له أن يكون ممثلًا في هذا المحفل العالمي.
لكنني أصررت، وطلبت من رئيسة المنظمة الدولية أن نفتح الباب لنساء لبنان، حتى اللواتي قد نختلف معهن سياسيًا، لأن ما يجمعنا أكبر: الوطن، والأمل، ودور المرأة في صناعة التغيير.
لقد أرسلت الدعوات للنساء اللبنانيات الناشطات في الشأن العام، فلبّين النداء، ووقفن بشجاعة ليتحدثن باسم وطنٍ جريح، لكنه لا يموت. كانت أصواتهن صدىً لقوة المرأة عندما تُمنح المساحة، وعندما تؤمن بقدرتها على التأثير.
واليوم، ونحن في خضم معركة الانتخابات البلدية في بيروت، لا بد أن نعيد التأكيد على هذه القناعة. هناك نساء مرشحات مؤهلات لهذا المنصب، نساء لديهن الوعي والقدرة على إحداث فرق حقيقي في إدارة الشأن المحلي. أدعو كل مواطن ومواطنة إلى الابتعاد عن التجاذبات السياسية الضيقة، وعن أولئك الذين يحبطونكم ويثنونكم عن المشاركة.
دور البلدية ليس تفصيلاً بسيطًا، بل هو يؤثر في حياتنا اليومية، في بيئتنا، في سلامة شوارعنا، في مدارس أولادنا، وفي نوعية الخدمات التي تصل إلى بيوتنا. إذا لم نشارك اليوم ونؤدي واجبنا الوطني عبر صناديق الاقتراع، فلا أحد سيتكفّل بحل مشاكلنا. لأن الفساد الذي نعيش تبعاته اليوم، هو نتيجة إهمال إدارات سابقة لم تكن على قدر المسؤولية.
تذكّروا أن تبحثوا عن المرأة القادمة. تلك التي يهمها بيتها وبيئتها، أمن أولادها ومستقبلهم، والتي نادرًا ما تتاجر بحياة الناس أو تستهين بمصيرهم. المرأة المؤمنة بالتغيير هي شريكتكم في صناعة وطن جديد.
قوموا بواجبكم الوطني في هذه المرحلة الانتقالية من تاريخنا، ولنصنع اليوم التغيير الذي نحلم به. كلّ واحد وواحدة فينا مسؤول عن نتيجة هذه الانتخابات.