بيروت بتحبّك…

كتب أبو زهير

لم تكن أم زهير تعلم أنّني في غرفة النوم أسترق السمع حول ما تتجاذبه من أحاديث مع جارتنا أم محمود، وتظنني أنّني في المقهى.

كانتا تتحدثان عن خططتهما لليوم الانتخابي الكبير في بيروت (العرس الديمقراطي). بدءاً استلّت أم محمود من “عُبّها” ورقة صغيرة، لم استطع معرفة ما فيها، وظننت أنّها “طلسم” أو “شعوذة” من سحر أسود أعدته لي تلك المرأة الشريرة… لكنّني استدركت متأخراً أنّ الورقة كانت عبارة عن لائحة أسماء لمرشحين عن بلدية بيروت، معدة سلفاً، وأرادت أم محمود “دسّها” لأم زهير سلفاً.

سمعت المرأة تتحدث عن الجمل، فظننت أنّها تهّم للذهاب إلى الصحراء من أجل قضاء إجازة أو رحلة “سفاري” وتريد اصطحاب أم زهير معها… لكن بعد تمحيص و”بقبشة” تبيّن أنّ أم محمود كانت تُخبر أم زهير عن المرشح محمود الجمل الذي يترأس لائحة “بيروت بتحبك” المدعومة من الجماعة الإسلامية والنائب نبيل بدر بوجه لائحة أحزاب السلطة (بيروت بتجمعنا).

كانت تقول لها بصوت منخفض: “اجتمعوا ضدنا ولازم نجيب الجمل… بيروت مش مكسر عصا لحدا”.

أما أم زهير، فكانت تسمع وتُومئ برأسها وتهمهم “أمممم… أمممم”، وذلك للثناء على ما تسمع، وكأنّ أم محمود كانت تحاكي وجدان أم الزوز البيروتي الأزرق.

تظاهرتُ في ذاك اليوم بأنّني أغط في نومٍ عميق، ولم أحرّك ساكناً. و”طنشت” على الخبرية حتى إعلان النتائج يوم الإثنين، كي “أتغدى” أم زهير قبل أن “تتعشاني”، خصوصاً أنّها بقيت طوال الأسبوع الذي سبق الانتخابات، “تلطّش” على لائحة ابراهيم منيمنة التغييرية (الله يجرصو) وتتهمني بالتقصير باعتبار أنني مقاطع ولا أريد المشاركة… حتى “القوات اللبنانية” لم تسلم من “لطشات” أم الزوز، متهمة إياها بالتراخي بعد قبولها بالترشح مع ممثلي “حزب الله” (بهيدي معها حقّ).

لكن المفاجأة الكبرى كانت يوم الإثنين، حينما بدأت النتائج تكشف تقدم الجمل على بقية اللوائح الضعيفة وخرقه لائحة أحزاب السلطة بشخصه،

أم زهير اعتبرت، في تلك اللحظة، أنّ المجلس البلدي البيروتي الحقيقي ممثّل بالجمل منفرداً، غير آبهة ببقية الأعضاء الـ 23. كما راحت تحدثني عن القوة التجييرية لأبناء الطائفة وخصوصاً “تيار المستقبل” الذي أثبت برغم تعليق العمل السياسي، أنّه رقم صعب في المدينة، لا يمكن تخطيه على الرغم من تهافت أحزاب السلطة وتكتلهم في لائحة واحدة.

ومذاك، كلّما أسألها سؤال أو أتوجه إليها بالحديث تردّ قائلة: “بيروت بتحبك”.

اخترنا لك