كتبت خلود وتار قاسم
ما نملكه اليوم ليس قانون انتخاب، بل قانون مسخ، صُمِّم بعناية لخدمة منظومة الفساد وترسيخ هيمنتها على مفاصل الدولة، وكأنه وُضع خصيصًا لإحباط أي محاولة جدية لتغيير الواقع المأزوم. قانون يمنع التغيير، ويخنق الأمل، ويفتح الأبواب فقط لأصحاب النفوذ والزعامات التقليدية، في وقت نحن فيه بأمسّ الحاجة إلى من يمتلكون الكفاءة والنزاهة والرؤية لبناء دولة المؤسسات.
نعم، نفهم أهمية الأحزاب في الحياة السياسية، ودورها الطبيعي في بناء الدول الديمقراطية، لكن ما يحدث في لبنان لا يمت بصلة لهذا الدور النبيل. فالأحزاب عندنا تصرّ على التصرف بكيدية قاتلة، وتتعامل مع الوطن وكأنه غنيمة مقسّمة، لا وطنًا جامعًا لكل أبنائه. تتقاسم الأرض والمواقع والمؤسسات، وتحكمها عقلية الزبائنية والمحسوبية، وهذا بالضبط ما أوصل الدولة إلى حافة الانهيار الشامل.
ويا عمي، تعلّموا! انظروا حولكم، راقبوا إلى أين وصل البلد، واسألوا أنفسكم: إلى أين نحن ذاهبون؟ إلى انحلال جديد؟ إلى شكل مجهول لدولة فقدت ملامحها وهويتها؟
ليس غريبًا إذًا أن أكثر من ٥٠٪ من الشعب اللبناني ينكفئ عن ممارسة حقه وواجبه الوطني في الانتخابات. فالناس لم تعد تصدّق أن الصوت يمكن أن يُحدث فرقًا، طالما أن القانون مصمم ليعيد إنتاج المنظومة نفسها.
اليوم، أكثر من أي وقت مضى، نحتاج إلى قانون انتخاب عادل، حديث، وتمثيلي، يفتح المجال أمام الكفاءات المنتشرة على امتداد هذا الوطن لتصل إلى مواقع القرار. قانون يضمن تمثيل كل الفئات بصدق، ويمنح السيدات الكفوءات حق الوصول إلى مراكز التأثير، بنسبة لا تقل عن ٣٠٪. فهؤلاء النساء أثبتن قدرات استثنائية في القطاع الخاص، وآن الأوان أن يُفسح لهن المجال لينهضن بالقطاع العام أيضًا.
هذا النداء ليس مجرد رأي، بل صرخة وطن يلفظ أنفاسه الأخيرة… فهل من يسمع؟
وهل من يملك الشجاعة ليضع مصلحة لبنان فوق مصالحه الشخصية والحزبية؟
الوقت ينفد، فإما نغيّر… أو نُمحى!