بين الجبال المنهوبة والغرامات المجمدة : ملف المقالع أكبر من الدولة؟

بقلم كوثر شيا

من أول يوم… كانت ناوية تعمل محرقة. واليوم… سكّرت عيونها عن المحارق الأكبر: المقالع.

تمارا الزين، وزيرة البيئة، من أوّل لحظة استلمتي فيها المنصب، قلتي إنّو بدك تعملي محرقة للنفايات… وقت يلي العالم كلّه، من الدول المتقدّمة للبسيطة، عم يتخلّى عن المحارق لأنها سامة ومسرطنة ومكلفة.
قلنا يمكن جديدة عالملف. يمكن مش واصلتلك الصورة كاملة.

بس اليوم… سكوتك، وتعليقك لأوامر تحصيل الغرامات على المقالع، بوقت الدولة مفلسة، والشعب عم ينذلّ على كل تنكة بنزين… ما عاد فينا نعتبره جهل.
هيدا صار تواطؤ.

تعليق أوامر الغرامات مش بس تضييع فرصة استرداد مليارات الدولارات المنهوبة،
هيدا إعلان رسمي إنو القانون بيمشي عالضعيف وبيركع قدّام النافذ.
وقت المواطن عم ينزل عليه رسم جديد عكل ليتر بنزين، ما عم حدا يلمّس اللي نسفوا الجبال نسف، وعم يبيعوا نقلة التراب أو الحصى أو الصخور بأكتر من ٣٠٠ دولار للنقلة الواحدة.

مين بيحاسب؟
مين دافع عليها ضريبة؟
قدّيش طلعوا نقلات من جبل بحالو؟
وين راحت المصاري؟
مين سمح؟
ومين سكت؟

تعوا شوفوا الجريمة بأم العين.
شوفوا الجبل يلي عالكوع بين الكحالة وعرَيّا…
الجبل انمحى.
الأشجار، خصوصًا الصنوبر، اندثرت.
وفي مطرح الجبل، في شي بيشبه بحيرة كبيرة، حفرة عملاقة بلعت كل شي.
هيدا موثق، بالعين وبالكاميرا وبالأقمار الصناعية.
بس مين تحرّك؟ مين فتَح ملف؟ مين راح حاسب؟ ولا حدا.

ولك نحنا مش عم نحكي عن مخالفات بسيطة.
نحنا عم نحكي عن تنفيذ دقيق ومدروس لأوامر قانونية:
• قرار مجلس الوزراء رقم 45 (21/3/2019) ألزم بضبط المقالع.
• الجيش اللبناني نفّذ مسح شامل.
• UNDP موّلت تقييم بيئي ومالي مع خبراء عالميين.
• وزارة البيئة تبنّت التقييم رسميًا.
• قانون البيئة 444/2002، خصوصًا المادتين 15 و16، بيلزم المخالفين يدفعوا ويصلّحوا.
• قانون الموازنة 2019، مادة 61 فرض رسوم على كل متر مشوّه.
• المرسوم 6569/2020 عطى الوزارة الصلاحية الكاملة.
• هيئة القضايا بوزارة العدل درست آلية التبليغ، وأقرت شرعيتها.

كل شي كان واضح.
المخالفات موثقة.
الغرامات جاهزة.
والوزارة بلّشت ترسل أوامر تحصيل، ٧٤ أمر رسمي.

بس، فجأة… كل شي توقّف.
انعلّقت الأوامر، وطار التحصيل.
بأي حق؟ لمصلحة مين؟ وبأي صفقة؟

هيدي أموال الشعب،
وهيدي حقوق البيئة،
وهيدي مسؤوليتك.

ما بقى فيكي تقولي “ما معي صلاحيات”.
ما بقى فينا نسمع “الملف شائك”.

هيدا ملف منهوب. ملف دمّره الفساد واللامحاسبة.
وإنتي اليوم بتمثلي وزارة البيئة، مش نقابة أصحاب المقالع.

إذا الدولة اللبنانية فعلاً بدها تزيد الإيرادات غير الضريبية،
فلتبدأ بمن سرق البيئة، مش بمن يشتري البنزين.

تمارا زين، نحنا ناطرين جواب، مش تبرير.
إمّا ترجعي تفعّلي أوامر التحصيل فورًا،
أو تعترفي رسميًا إنّو الدولة سلّمت البلد للنافذين،
وسكوتك هو ختم على جريمة رح تبقى محفورة،
مش بس بالجبل… بل بتاريخ لبنان البيئي الأسود.

اخترنا لك