بقلم غادة المرّ
–
@GhadaMurr
لعل الضّربة الأوكرانيّة الموجعة في العمق الرّوسي،لم تمرّ مرور الكرام، بل تركت العالم، موسكو وبوتين في حالة ذهول وصدمة، كما حادثة البيجر في لبنان،كلتهما غيرتا مجرى الحرب وفتحتا الباب على مصراعيه، لنمط جديد وتكتيك حربيّ غير مألوف، في طرق وادبيات واساليب الهجمات الحربيّة المعروفة. ولعلّ اخطر ما حملته تلك الهجمات، هو عنصر المفاجأة. وهي عمليات تحصل لأول مرّة في تاريخ الحروب والنّزاعات، ونتائجها كانت صادمة،كارثيّة وجدُ مؤلمة.
في واحدة من أبرز العمليّات العسكريّة النوعيّة في الصّراع الأوكرانيّ-الروسيّ،نفَذت القوات الأوكرانيَة مؤخّراً، ضربة جويّة دقيقة، استهدفت قاعدة عسكرية روسيَة، وتمكّنت من تدمير ما يقارب ال 40 طائرة حربيّة متطوّرة ومخصّصة لحمل صواريخ نوويَة و بالستيَة. هذه العمليّة، لم تكن مجرّد هجوم عسكريّ عاديّ، بل خطوة استراتجية، عكست تطوّر قدرات كييف والضغط المتزايد على موسكو.
قامت القوات الجويّة الأوكرانيَة، مدعومة بأجهزة استخبارات غربيَة، محليّة ودوليّة، بالتخطيط وتنفيذ هذه الضربة.
التقنيات الحديثة والمتطوّرة
استخدموا تقنيّات حديثة، شملت طائرات مسيّرة عالية الدّقة، وصواريخ متطوّرة قادرة على اختراق الدّفاعات الروسيّة.تلك التقنيات المتطوَرة عطّلت أنظمة الدّفاع الروسيّة مؤقّتاً ، ما سمح بتسلّل المسيّرات بسهولة.
الدّعم الاستخباراتي الغربيّ : أشارت تقارير غير رسمية، أنّ الولايات المتّحدة الأميركيّة، بريطانيا وفرنسا، لعبت دوراً أساسيّاً في توفير المعلومات الاستخباراتيّة الدّقيقة،بما في ذلك ، مراقبة تحرّكات الطّائرات الروسيّة، تحديد مواقعها بدقّة عالية، ما سهّل تنفيذ الضربة بفعاليّة، ما عكس تقليلاً لفرص الفشل.
عنصر المفاجأة لدى الجانب الروسيّ : كانت القاعدة العسكريّة المستهدفة،تشكّل مركزاً رئيسيّاً للأسطول الجويّ الروسي المتخصّص في نقل وتفعيل الصّواريخ النووية و البالستية. تمركز هذه الطّائرات في مناطق داخل روسيا، كان يهدف الى حماية الاستراتجيّة الروسيّة للردع النوويّ.
خفايا التخطيط والتنفيذ
استغرقت مرحلة التخطيط حوالي السّنة، تخللّتها مراقبة مستمرّة للدّفاعات الروسيَة واختراق لشبكات الاتّصالات لتحديد أوقات ضعف أنظمة الدّفاع الجويّ. استخدمت أوكرانيا تقنيات التّشويش والتّمويه الإلكتروني لتعطيل مؤقت لأنظمة الرّصد الروسيّة،ما مكّن الطائرات المسيّرة من التسلّل عبر طبقات الدّفاع. تمّ اختيار توقيت الضربة بعناية فائقة لتتزامن مع حركة غير متوقعة في القاعدة الروسيّة، ما ادّى الى تقليل فرص استجابة الدّفاعات. نقلت المسيرات والعتاد بشاحنات مموهة ، الى داخل الأراضي الروسيّة، واخفيت بسريّة تامة ،لحين ساعة الصّفر.
النتائج المباشرة
– تدمير حوالي 40 طائرة متطوّرة،أغلبها قادرة على حمل صواريخ نوويّة أو بالستيّة، مما يعد ضربة موجعة للقدرات الروسيّة في مجال الردع النووي.
– خسائر بشرية في صفوف القوات الروسيّة داخل القاعدة.
– تأثير الروح المعنوية للجيش الروسيّ مع موجة من القلق والارتباك داخل القيادة العسكريّة.
– رفع مستوى التأهّب في قواعد أخرى مع إعادة تموضع بعض الطائرات والعتاد في مواقع أقل عرضة للاستهداف.
تأثير الضربة على سير المعركة
– عزّزت الضربة من موقع أوكرانيا التفاوضيّ على السّاحة الدّوليَة، وأظهرت قدراتها المتطوّرة في ضرب أهداف استراتجيّة داخل العمق الرَوسيّ.
– دفعت الضربة، روسيا لتعديل استراتجيتها الدّفاعيَة وتكثيف إجراءات الحماية، ما قد يؤثّر على توزيع قوّاتها في مناطق النَزاع.
– زادت من احتمالات استمرار الدّعم الغربيّ العسكريّ لأوكرانيا، خاصة في مجال التكنولوجيا الدّقيقة والاستخباراتيّة.
– قد تؤدّي الضربة إلى تصعيد محدود من الجّانب الروسيّ كردّ فعل، لكن مع حسابات لعدم الانزلاق الى حرب نوويّة مفتوحة. وقد تدخّلت الصين وتركيا مع الأطراف المعنيين بهذه الحرب ، في محاولة لكبح ردود الفعل من الجانب الروسيّ والذّي سيقابله ردود من الغرب و أميركا .
الاطراف الخفيّة وراء العمليّة
– وكالات الاستخبارات الغربيّة: وكالة(CIA) المخابرات المركزيّة الاميركيّة،(MI6) المخابرات العسكريّة البريطانيَة والوكالات الاوروبيَة كانت أيضاً متورّطة بشكل كبير في جمع المعلومات وتوفير الدّعم التقنيّ.
وقصفت كييف العمق الروسيّ بصواريخ زودتها بها المانيا.
– الشركاء الاقليميون، دول البلطيق، بولندا ،قدّمت دعماً لوجستيّاً، و استخباراتيّاً لأوكرانيا.
– شركات التقنيّة العسكريّة: شاركوا في تطوير أنظمة الطّائرات المسيّرة وأجهزة التشويش، وقد لعب الذكاء الاصطناعيّ دوراً بارزاً في العمليَة.وقد ترافق الهجوم مع هجوم إلكترونيّ -سيبراني، ما عطّل التنسيق العسكري الروسيّ.
– إبتكار في استخدام الطّائرات المسيَرة ،ودمج تقنيات حديثة للطّائرات المسيَرة من نظم استشعار متقدّمة، ما جعل من الهجوم ،هجوماً دقيقاً وصعب الاكتشاف.
– سريّة تامة في التخطيط والتمويه ، للحفاظ على سريّة التفاصيل وتقليل من احتمال كشفها.
ولعلّ الحروب الجديدة بدأت تأخذ منحىً جديداً يعتمد على الدقَة والتكنولوجيا والتنصَت والذكاء الاصطناعيّ وعنصر المفاجأة ، عمليات دقيقة ،خاطفة، غير تقليديّة بدأت تلوح في أرض المعارك والحروب وتشكل فرقاً في مسار الانتصار والهزيمة.
انتظروهم على الارض وفي الانفاق وبخطط تقليدية، واذ بهم يفاجئونهم بحرب من السّماء، وبالمسيرات والتنصت والتتبع عبر تقنية الذكاء الاصطناعيّ وملاحقة بصمة اليد والعين والصوت وخرق الصفوف وعنصر المفاجأة، وبصواريخ بالستية وخارقة للتحصينات والانفاق وملاحقة الأفراد وتصفيتهم.
إنّها الحرب الجديدة ، حرب الذكاء التكنولوجيّ،والمسيّرات ، عيون وآذان خفيّة تراقب،تلاحق تتنصّت،ترصد وتضرب من السّماء.
لقد كانت الحرب الروسيّة على اوكرانيا ومن خلفها الغرب واميركا،خطأ استراتجياً ولعنة شريرة، كان يجب على الاوربيين ان يتفاوضوا مع الروس ويتجنبوا تلك الحرب المكلفة التي ارهقت اقتصادهم واستنزفت ثرواتهم وهدرت دماء شعبين وخلّفت اضراراً ودماراً وخسائر ماديَة وبشريَة مرعبة، كان بالامكان تفاديها ، وعدم فتح جبهة كانت باب الجحيم ولم يغلق بعد. كان عليهم عدم دفع بالدّب الروسيّ إلى أحضان التّنين الأصفر … الصين. فلنترقّب مسار المفاوضات ونتائجها.
كيف ومتى سيكون الردّ الروسيّ؟
لننتظر …