الرياض تكتب تاريخ الشرق الأوسط من جديد…

لبنان مدعو للعودة إلى العقل العربي

كتب محمد قصب

من قلب المملكة العربية السعودية، نعيش اليوم تحوّلًا غير مسبوق، تقوده قيادة واعية وشابة ترى المستقبل قبل أن يراه الآخرون. إنها لحظة مفصلية تعيد فيها المملكة، بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، رسم خريطة الشرق الأوسط على أسس جديدة: أمن مستقر، اقتصاد منتج، وسيادة تُبنى على التكنولوجيا والمعرفة.

ويأتي تنظيم المملكة لمؤتمر الاستثمار السعودي–الأميركي في الرياض خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مايو 2025، لم يكن حدثًا عابرًا، بل كانت رسالة واضحة: أن المملكة أصبحت مركز التفاهمات الكبرى، وصاحبة القرار في هندسة التوازنات الإقليمية والدولية، عبر الشراكات الاستراتيجية لا التبعية، وعبر احترام المصالح لا المقايضات.

اليوم، لم تعد السعودية فقط محور القرار النفطي أو مركز الثقل الديني، بل أصبحت عاصمة صناعة القرار في الشرق الأوسط خاصة والإقليم والمنطقة والعالم ايضاً. دولة تبني تحالفاتها على الرؤية لا على الإرث، على الابتكار لا على الشعارات. وولي العهد يقود هذه المرحلة التاريخية بمشروع يعيد تعريف العلاقة بين السياسة والاقتصاد، وبين الأمن والتقنية، وبين الدولة والمستقبل.

من مشاركتي في فعاليات مؤتمر الاستثمار السعودي الاميركي ومن خلال مهمتي في توطين بعض صناعات التقنيات العميقة لخدمة الصناعات الدفاعية الحديثة، أرى عن كثب كيف تتحوّل المملكة إلى ورشة سيادية تكنولوجية، تنتج المعرفة وتصدّر الابتكار وتُعيد تعريف الأمن بوسائل حديثة. ما يحصل في المملكة ليس تحديثًا تدريجيًا، بل قفزة نوعية ترسم نموذجًا عربيًا جديدًا في إدارة الدولة.

وفي المقابل، يقف لبنان – ذلك البلد الغني بالكفاءات – على هامش الأحداث، ليس بسبب نقص في العقول، بل نتيجة انسداد سياسي داخلي وانغلاق على محاور فقدت تأثيرها. علاقة لبنان بالسعودية لطالما كانت علاقة دعم واحتضان. أما اليوم، فهي علاقة يُعاد تعريفها على قاعدة الشراكة أو الغياب. المملكة ماضية في مشروعها. والباب لا يزال مفتوحًا… لكن إلى متى؟

إن الأمير محمد بن سلمان لا يقود فقط نهضة سعودية، بل يرسم معالم شرق أوسط جديد، أكثر توازنًا، أكثر عقلانية، وأكثر سيادة. شرق أوسط لا تفرضه الحروب، بل تصنعه السياسات الناضجة، والاستثمارات الذكية، والتحالفات المتزنة.

لبنان مدعو لأن يعود إلى خريطة العقل العربي. أن يلتفت جنوبًا، حيث تصنع الدولة لا تتفكك، وحيث تُبنى الشراكات لا تُفجّر، وحيث يُكتب مستقبل المنطقة من الرياض لا من عواصم نتاجها الدمار والخراب.

السعودية لا تنتظر من لبنان شيئًا. لكنها لا تزال تؤمن بدوره، إن اختار أن يعود إلى ذاته. والمملكة تحت قيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، تمد يدها لمن يريد أن يبني، لا لمن يُتقن التعطيل.

وفي هذه الأيام المباركة، نهنئ القيادة السعودية والشعب السعودي الكريم بعيد الأضحى المبارك، ونبارك لهم النجاح الاستثنائي لموسم الحج هذا العام، الذي تمّ بكل احترافية وتفانٍ على كافة المستويات: الأمنية، الصحية، التقنية، والخدمية. موسمٌ يجسّد ريادة المملكة في خدمة الإسلام والمسلمين، ويعكس قدرتها على الجمع بين التنظيم الحديث والتقاليد الراسخة.

إنه عصرٌ تُصنع فيه الدول القوية، وتُختبر فيه الخيارات. والسعودية اختارت أن تقود، وتنجح… وتُلهم.

وبالتالي على لبنان ان يختار بين التشتت والانهيار والدمار وبين السيادة والاستقرار والإعمار…

اخترنا لك