أنا أتّهم “حزب الله”

بقلم د. علي خليفة

بالجريمة المشهودة، لا بالسياسة فحسب، أنا أتّهم “حزب اللّه” بقتل شيعة لبنان. بالآلاف، رماهم في التهلكة وزيّن في عيونهم الموت العبثيّ وذمّ الحياة. قتل حسن نصراللّه وحده، من شيعة لبنان، في حروب الإسناد الفاشلة والمشاغلة الخرقاء والوعد الخادع، وقبلها في سوريا وإقليم التفاح، أكثر من قتلى الشيعة نتيجة حملات الجزار وعمليات الانتداب واعتداءات إسرائيل كلّها مجتمعة…

وأتّهم “حزب اللّه” بتدمير حواضر الشيعة في الجنوب وجباله والبقاع وسهله وضواحي بيروت وجرود جبيل، بشكل ممنهج ومقصود ومكرّر، ومنع أسباب البقاء والنماء والاستثمار بالجهل والحرمان.

أنا أتّهم “حزب اللّه” بالدفع نحو احتلال الجنوب بعد تحريره، حتى يبقى سلاحه الآسن يعبث ويتولّى أمن الجنوبيين ولبنان. فالصدامات الموجّهة مع عناصر قوات حفظ السلام لا تهدف سوى لإطلاق قبضة “حزب اللّه” التخريبية مجدّداً لإعادة تخزين ترسانته العسكرية بين البيوت والحقول فتصبح مقدّرات الناس وأرزاقهم قائمة على صفيح متفجّر… أكثر من ذلك، وبانتظار مآلات المفاوضات الأميركية – الإيرانية، يضع “حزب اللّه” لبنان في عين المواجهة الكبيرة إذا ما انطلقت شرارتها لتحرق المنطقة.

وأتّهم “حزب اللّه”، في الوقت المستقطع، بإرادة افتعال الحوادث الأمنية المتنقّلة من قبيل التلويح بالفتنة، وأتّهمه بالارتداد إلى الداخل والانقضاض على معارضيه لإسكات أي صوت متمايز وخنق وجهات النظر المختلفة التي قد تؤول إلى تعرية مزاعمه على الملأ أو تظهر بطلان مشروعه المدمّر.

وأنا أتّهم بعض معارضي “حزب اللّه” بامتهان النفعية المادية وتغليب المصلحة الضيّقة والنزعة الشخصانية بدلاً من جمع الجهود وتنظيمها وتكاملها سعياً لهدم الجدار العالي الذي أقامه “حزب اللّه” والبدء بنخر أول كوة. وبعضهم يروّج لمرضاة بيئة “الحزب” بحجة استمالتها وهو في الواقع كحصان طروادة.

وأنا أتّهم رئيس الجمهورية بالمساومة بدلاً من حفظ الدستور الذي أقسم عليه وأقام خطاب القسم على عهوده الرنّانة؛ فحصرية السلاح بيد الدولة تتطلّب حسماً لا حواراً.

وأنا أتّهم رئيس الحكومة بمدّ يديه لـ “حزب اللّه”، كأنّ الحقائب الوزارية كرمٌ على درب، في الوقت الذي كان من البديهي أن يكون ثمة ثمن سياسي يدفعه “حزب اللّه” كنتيجة خسارته العسكرية القاصمة ومغامراته غير المحسوبة.

وربما أمتنع عن اتهام رئيس مجلس النواب بما هو قابل بأدائه ولا حاجة للبيّنة على دوره الملحق بـ “حزب اللّه” واستتباعه أجندة “حزب اللّه” ومحور الممانعة.

وأنا أتّهم اللّه ومستعدّ لإعلان موته… إذا كان هذا الإله لا يتبرّأ الآن وليس غداً من حزبه!

اخترنا لك