نهاية الفرس وبداية النهوض العربي الإسلامي…

قراءة استراتيجية في الملحمة الكبرى والتحالفات القادمة

بقلم ميراز الجندي – كاتب ومحلل سياسي

تشهد منطقة الشرق الأوسط مخاضًا تحوليًا يرتبط بمزيج من الرؤى الدينية، والتغيرات الجيوسياسية، والضغوط الاقتصادية، والتحديات الأمنية. وفي قلب هذا التحول، تتجدد القراءات حول مفهوم “الملحمة الكبرى”، والتحالفات المستقبلية بين المسلمين والروم، كما وردت في النصوص الإسلامية والكتب الإبراهيمية.

الملحمة الكبرى في النصوص الإسلامية

وردت “الملحمة الكبرى” في عدد من الأحاديث الصحيحة، منها ما رواه معاذ بن جبل: “الملحمة الكبرى، وفتح القسطنطينية، وخروج الدجال في سبعة أشهر”(رواه أحمد وأبو داود).

تشير هذه الأحاديث إلى تحالفٍ مؤقت بين المسلمين والروم (أي الغرب، وفق بعض التأويلات)، ضد عدو مشترك، قبل أن تنشب مواجهة كبرى. وهي أحداث تسبق مباشرة خروج الدجال ونهاية الزمان.

إيران: استغلال المهدوية كأداة سياسية

تُوظف إيران مفهوم “المهدوية الشيعية” لتبرير سياساتها التوسعية، معتبرة نفسها مركزًا تمهيديًا لظهور المهدي المنتظر. وقد أسست أذرعًا عسكرية (كحزب ال،له والحوثيين والحشد الشعبي) كامتداد لنفوذها العقائدي.
هذا التوظيف أفضى إلى تفكيك مؤسسات الدول، كالعراق ولبنان وسورية، وإلى نزيف اقتصادي وأمني في المنطقة.

البعد الأمني: تفكيك الدولة لصالح الدويلة

إيران تعمّدت إضعاف الجيوش الوطنية، ودعمت ميليشيات مذهبية، ما خلق فجوة أمنية خطيرة. فعوضًا عن الأمن الوطني، سادت “أمنيات طائفية”، مما جعل عدة دول رهائن لقرارات الحرس الثوري. وهو ما انعكس بتعطيل الحكومات، وخلق صراعات داخلية، وشلّ التنمية.

البعد الاقتصادي: تدمير الاستثمار وتجويع الشعوب

أدّت تدخلات إيران إلى انهيار اقتصادي في دول نفوذها. لبنان مثال حي: تُستخدم مؤسساته لمصالح حزب الله، وتُمنع الاستثمارات، ويُضرب القطاع المصرفي، وتُفرض العقوبات الدولية.

كذلك في سورية واليمن والعراق، تحوّلت الدول إلى ساحات استنزاف اقتصادي، تديرها منظومات فاسدة تحت حماية السلاح العقائدي.

الروم والتحالف الاستراتيجي المحتمل

الروم في الأحاديث يُقصد بهم غالبًا “البيزنطيين” أو الغرب الأوروبي. وتذهب تفسيرات حديثة إلى أن المقصود هم القوى الغربية اليوم، خصوصًا الولايات المتحدة وحلفاؤها.

من هذا المنطلق، فإن تحالفًا محتملاً بين العرب والمسلمين المعتدلين والغرب لمواجهة التمدد الفارسي أو الكيانات المهدوية المسلحة، ليس أمرًا مستبعدًا، بل بدأ يتشكل واقعيًا بتحالفات أمنية واقتصادية.

الملحمة الكبرى في النصوص الإبراهيمية

تتلاقى المفاهيم الإسلامية مع نبوءات العهد القديم والعهد الجديد حول معركة “هرمجدون”، حيث تلتقي قوى الخير والشر.

تشير بعض التفسيرات اليهودية إلى مواجهة مع “أمم من الشرق”، وهو ما يوازي المفهوم الإسلامي للملحمة الكبرى ضد قوى الفتن.

في هذا السياق، فإن تحالف المسلمين السنة مع الروم له جذور عقائدية مشتركة، تؤكد وجود عدو مشترك ومرحلة صدام كوني.

من قورش إلى الخميني: تكرار مشهد الهيمنة الفارسية

قورش الكبير، الذي غزا أورشليم، يمثّل رمزًا فارسيًا للسيطرة على المنطقة تحت غطاء ديني.

في العصر الحديث، أعاد الخميني هذا النمط بنسخة ثيوقراطية. لكن، كما انتهى النفوذ الفارسي في التاريخ القديم بانهيار، فإن فشل المشروع الإيراني الراهن يبدو مسألة وقت، في ظل مقاومة إقليمية، وعقوبات دولية، ورفض شعبي داخلي في إيران.

إن التحالف العربي الإسلامي مع الغرب (الروم) في وجه التمدد الإيراني ليس سيناريو محتملًا فقط، بل بات واقعًا سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا تتشكل ملامحه تدريجيًا.

النصوص الدينية تعزز هذا الفهم، والوقائع الميدانية تؤكده. ونحن أمام مشهد جديد عنوانه نهاية المشروع الفارسي، وعودة العرب إلى لعب دورهم الحضاري، من خلال شراكات ذكية وتحالفات استراتيجية تُعيد التوازن للمنطقة.

اخترنا لك