بقلم محمود شعيب – كاتب وناشط سياسي
أيها الشباب اللبناني، في ظل تصاعد الاشتباك الإقليمي بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والعدو الصهيوني، تتكثّف المؤشرات نحو محاولة دفع لبنان مجددًا إلى حافة النيران. يُراد لنا أن نكون ساحة هذه المواجهة، و قد يُطلب منكم أن تكونوا وقودها، في حرب لا توقيتها لبناني، ولا أهدافها لبنانية، ولا ثمنها يُدفع سوى من دمائنا.
ومن منطلق الصدق، وباسم الحرص الوطني والضمير الإنساني، نرفع هذا النداء الصريح, هذه الحرب، مهما زخرفوا شعاراتها، ليست لأجل تحرير فلسطين، ولا دفاعًا عن لبنان، ولا ثأرًا لشهداء المقاومة، ولا نصرة لأطفال غزة الجريحة.
إنها بكل وضوح حرب مصالح إقليمية كبرى. إيران تسعى لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط، وتُفاوض على سلاحها النووي، وتحاول تحسين موقعها الجيوسياسي عبر أوراق ضغط بعضها مكتوب بدماء شبابنا.
إسرائيل، مدعومة من قوى كبرى، تسعى إلى السيطرة والهيمنة على ثروات الغاز والطاقة في شرق المتوسط، وتراهن على الحرب كأداة لفرض شروطها.
وفي خضمّ هذا الصراع، من الذي يُطلب منه أن يدفع الفاتورة؟
أنتم أبناء الجنوب، والبقاع، وضاحية بيروت.
أنتم الذين لم تجفّ بعد دماء شهدائكم،
ولا زال ركام بيوتكم شاهدًا حيًا على حرب لم تنتهي كوارثها بعد،
وما زالت دموع أمهاتكم تسقي الأرض التي لا تعرف إلا الحداد.
ألا تستحقّون الحياة؟
ألا يكفي أن تستخدم تضحياتكم في أجندة لا علاقة لها بآمالكم وأحلامكم “سوريا + حرب الاسناد” ؟
من هنا، نقولها بلا تردّد، لا تنخدعوا بشعارات “نصرة القدس”، فطريقها لا تُعبد عبر رماد قراكم.
لا تُزجّوا بأنفسكم في حروب غير متكافئة، هي في حقيقتها رسائل سياسية دموية لتعديل موازين قوى إقليمية ودولية.
لا تسمحوا لأحد أن يساوم على دمائكم ليكسب موقعًا أو نفوذًا.
نعم، نحن مع فلسطين في وجه الاحتلال، لكننا لسنا أدوات في مشروع توسعي لا نملك قراره ولا نعرف نهايته.
نعم، نرفض الصهيونية والهيمنة، لكننا نرفض كذلك أن نموت في خدمة مفاعل نووي، أو أن نُدفن تحت أرض قد تم التنازل عن غازها(حقل كاريش) .
ونُعلنها موقفًا صريحًا لا لُبس فيه، كل من يُقتل في حرب يعلم أنها ليست معركة دفاع عن الأرض والعِرض، ولا من أجل كرامة وطنه، فإنما يحمّل دمه مسؤولية لا تبرئه منها الشعارات الوهمية.
لبنان لم يعد يحتمل المزيد من الدمار و الانهيارات.
شبابه ليسوا عتادًا في صراعات الآخرين.
دماؤنا ليست رسائل، وبيوتنا ليست ساحات تجارب.
فلنقف اليوم وقفة وعي، قبل أن ندفع الثمن من جديد، ونُجبر على نعي أنفسنا قبل الأوان.
العزة الحقيقية… أن نقول: لا.
الكرامة الحقيقية… أن نرفض أن نُستنزف في حروب ليست لنا.
والمقاومة الصادقة… أن نُحسن التمييز بين معركة الشرف، ومحرقة الاستغلال والانتحار.