إشعاعات في الهواء اللبناني !؟

هل هناك من يراقب، ولو بصمت !؟

بقلم كوثر شيا

ربما لم تسمعوا من قبل عن محطات الرصد الإشعاعي المنتشرة على الأراضي اللبنانية. لكن الحقيقة أن هناك ٢٠ محطة تعمل بصمتٍ على مدار الساعة، متناثرة بين الجنوب والبقاع (١٢ محطة)، والشمال (٦ محطات)، بالإضافة إلى محطتين فقط في العاصمة بيروت.

لكن ما الذي ترصده هذه المحطات تحديدًا؟ ولماذا لا تخبرنا الحكومة شيئًا عن هذا الموضوع الخطير؟

ماذا ترصد هذه المحطات؟

هذه المحطات مزوّدة بأجهزة عالية الحساسية، مهمتها الأساسية قياس مستويات الإشعاع في الهواء. وتُرسل بياناتها بشكل فوري إلى الهيئة اللبنانية للطاقة الذرّية التابعة للمجلس الوطني للبحوث العلمية، والتي تُشارك النتائج دورياً مع الوكالة الدولية للطاقة الذرّية (IAEA).

وهذه بعض أنواع الإشعاعات التي تتم مراقبتها:
• الإشعاع المؤيّن (Ionizing Radiation): مثل أشعة غاما أو جسيمات بيتا، وهي أخطر أنواع الإشعاعات على صحة الإنسان.
• المواد المشعّة المنبعثة في الجو: نتيجة أي تسرب نووي خارجي أو حادث داخل الأراضي اللبنانية.
• إشعاعات من مصادر صناعية أو طبية أو زراعية تُستخدم محليًا وتحتاج إلى مراقبة صارمة.
• التلوث العابر للحدود (Cross-border contamination): في حال حدوث كوارث نووية في بلدان الجوار، أو تفجيرات عسكرية.

لماذا هذا الأمر مهم؟

لأن الإشعاع لا يُرى، ولا يُشم، ولا يُحسّ. لكنه قادر على اختراق الخلايا، إتلاف الحمض النووي، وزيادة خطر الإصابة بالسرطان أو التشوّهات الخَلقيّة أو أمراض الجهاز المناعي.

على سبيل المثال:
• عند حادثة تشرنوبيل (1986)، انتشر الإشعاع في أجواء أوروبا وآسيا ووصلت بعض آثاره إلى البحر المتوسط.
• بعد تفجير ميناء بيروت في 4 آب 2020، تم تسريب تقارير غير رسمية عن وجود مواد كيميائية مشعة مخزّنة سابقًا في المرفأ، مما زاد القلق الشعبي.

لماذا لا نُخبر بما يجري؟

اللافت أن الجهات الرسمية لا تصدر أي نشرات دورية حول نتائج هذه المحطات. المواطن لا يعلم ما إذا كانت الإشعاعات ضمن المعدلات الطبيعية أو إذا حصلت أي حالات إنذار.

وهنا نطرح السؤال، إذا كانت هناك شبكة وطنية للرصد الإشعاعي تعمل ٢٤/٢٤ لحمايتنا، لماذا لا نعلم عنها شيئًا؟ ولماذا لا يتم إشراك المجتمع المدني والبلديات في هذه المهمة؟

حماية البيئة تبدأ بالشفافية

لبنان بلد صغير محاط بأزمات كبيرة. من محطات الطاقة غير المراقبة، إلى مكبّات النفايات العشوائية، إلى المشاريع الصناعية والزراعية التي قد تُنتج تسريبات خطرة… الرصد الإشعاعي ليس ترفًا بل ضرورة.

دعوتنا اليوم واضحة:
• أن تُنشَر نتائج الرصد بشكل شهري وشفاف.
• أن يُشرك المجتمع المحلي والبلديات في الإشراف على هذه المحطات.
• وأن يُدمج موضوع الإشعاع البيئي في المناهج المدرسية، لأنه جزء من ثقافة الوقاية والحماية.

في وطنٍ منهك، نحتاج إلى أن نُسلّح الناس بالمعرفة، لا بالخوف. لأن الإشعاع صامت… لكن صوت المواطن يجب ألا يكون كذلك.

اخترنا لك