كوميسير بول

بقلم عماد موسى

كان قرار الكوميسير بول مرقص إيقاف برنامج “مع وليد عبود” قرارًا جريئًا وتاريخيًا واستراتيجيًا بكل معنى الكلمة، رفع وزير الإعلام منزلةً في عيون قادة الممانعة، وجاء القرار ـ وقيل إنه مجرّد تأجيل لعرض الحلقات ـ بعد نحو 10 أيام من البيان التحذيري الذي حذّر فيه مرقص” جميع المواطنين الكرام”، من التواصل مع المتحدثين باسم جيش العدو الإسرائيلي “فسكّت” ركاب خمسة ملايين وثمانمائة وستة آلاف لبناني لأن وراء أكمة مرقص ما وراءها، ومتى حذّر أخاف، ومتى لوّح بسيف القانون قصّ رؤوساً أينعت. بسبب سطوة مرقص هرع اللبنانيون إلى “طاسات الرعبة” فشربوا منها، بعد تعريضها للقمر، لعلاج خوفهم وفزعهم من فرمان آخر يصدر عن الوزير القوي.

ثمة من استبعد إقدام مرقص على هذه الخطوة “من راسو”، في المقابل هناك من يؤكد أن مرقص سيّد نفسه، وقيل إن صاحب المعالي خشي من ردود فعل الجمهور الممانع وانعكاسها على التلفزيون الرسمي، في الحالات الثلاث هي دعسة ناقصة أخرى لا بل مستغربة، خصوصاً أن إيقاف البرنامج على “تلفزيون الدولة”، جاء عقب مقدمة عالية السقف لبرنامج آخر يقدمه عبود على قناة “هلا أرابيا”. فكيف حشر وزير الإعلام منخاريه في ما لا يعنيه أساساً ولا يعني تلفزيون لبنان؟ هل اسم وزير الإعلام في حكومة نواف سلام بول وكنيته “حشّور بك”؟

لوزير الإعلام كوزير وصاية على تلفزيون الدولة، أو لمجلس إدارة المحطة أن يهتما بما يُبث على وسيلة إعلامية رسمية هي نسخة طبق الأصل، عن توازنات البلد وتنفيعاته. علمًا أن مقدمة عبود في فقرة “سجال بين لبنانَين” التي وُصفت بأنها نارية، وهي بالفعل كذلك، لكنها نارية في الاتجاهين، وتفاعل المشاهدون مع “حلّوا عنا انتم وسلاحكم ومسيّراتكم وأبواقكم ومرشدكم وإيرانكم ومحوركم نريد أن نعيش…” أكثر مما تفاعلوا مع الجزء الثاني من الكلام العالي السقف بالاتجاه الآخر وفيه “… وأنتم حلوا عنا يا من تحتفلون بضرب إسرائيل لمفاعلات إيران النووية التي تردع الهيمنة الغربية”. وربما تفاعلت مع الدكتور علي مراد أكثر مما تفاعلت مع الصحافي علي سبيتي، ضيفي حلقة يا “أسود يا أبيض”.

ختامًا، لمن يهمه أمر “الحريات التي يُساء استعمالها”: حلّ عن سما الحرية الإعلامية المتوافرة خارج المربعات الأمنية والأطر الرسمية وركز على التحليل الموزون والخبر الممل الخالي من التميّز والدسم.

اخترنا لك