#الحرب خارج السيطرة : خروقات خطيرة للقانون الدولي وتحذير من كارثة نووية في الصراع بين “#إيران و #إسرائيل”

بقلم د. عبد العزيز طارقجي
@dr_tarakji

تشهد منطقة الشرق الأوسط تصعيدًا متزايدًا في النزاع بين “إيران” و”إسرائيل”، صراع يحمل في طياته تهديدات خطيرة للسلم والأمن الدوليين.

لم يعد النزاع مجرد مواجهة عسكرية بين دولتين، بل تحول إلى أزمة إنسانية وقانونية تنذر بانهيار قواعد القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان.

مع استمرار هذا الصراع، تتفاقم الانتهاكات وتزداد المخاطر، خصوصًا مع تزايد خطر استهداف المنشآت النووية التي قد تفضي إلى كوارث بيئية وإنسانية لا تحمد عقباها.

انتهاكات صريحة للقانون الدولي الإنساني

تُعتبر اتفاقيات جنيف الأربع وبروتوكولاتها الإضافية الأساس القانوني لتنظيم النزاعات المسلحة وحماية المدنيين، حيث تؤكد على مبدأ التمييز بين المدنيين والأهداف العسكرية وحظر الهجمات العشوائية أو غير المتناسبة.

إلا أن المعطيات الميدانية والتقارير الدولية تشير إلى أن الطرفين، “إيران” و”إسرائيل”، يخرقان هذه المبادئ بطرق متعددة، أبرزها:

استهداف الأحياء السكنية والبنى التحتية المدنية، ما يشكل خرقًا واضحًا للمادة 51 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف.

استخدام أسلحة قد تُصنف ضمن الأسلحة المحظورة دوليًا أو ذات التأثير غير المتناسب، بما يشكل جريمة حرب حسب معايير ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية.

احتجاز وتعذيب المقاتلين والمدنيين بشكل مخالف للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يضمن الحماية ضد المعاملة اللا إنسانية.

هذه الانتهاكات لا تؤدي فقط إلى سقوط آلاف الضحايا المدنيين، بل تُهدد أيضًا مصداقية القانون الدولي وفعالية آليات المساءلة الدولية.

صراع إقليمي معقد وتأثيرات استراتيجية

النزاع الإيراني الإسرائيلي يتجاوز الأبعاد العسكرية ليمس صلب السياسة الإقليمية والدولية:

تسعى إيران عبر دعمها لفصائل مسلحة وتحالفات إقليمية إلى توسيع نفوذها السياسي والعسكري، مستغلة حالة الانقسام الإقليمي والدولي.

إسرائيل تسعى بدورها لتأمين موقعها الاستراتيجي والدفاعي، معتبرة أي تمدد إيراني تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.

تتداخل مصالح القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين، ما يزيد من تعقيد الأزمة ويحولها إلى ساحة صراع بالوكالة، حيث يزداد خطر الانزلاق إلى مواجهة أوسع قد تشمل دولاً أخرى.

هذا الواقع السياسي المتشابك يعيق جهود الحل السلمي، ويستوجب تدخلاً دوليًا حازمًا لإنهاء دورة العنف.

خطورة استهداف المنشآت النووية: كارثة بيئية وإنسانية محتملة

أحد أبرز التهديدات الخطيرة في هذا النزاع هو احتمال استهداف المنشآت النووية، سواء تلك الخاصة بتوليد الطاقة أو تخصيب المواد النووية. مثل هذا الاستهداف يفتح باب كارثة إنسانية وبيئية ضخمة:

تسرب الإشعاع النووي قد يؤدي إلى أضرار صحية مدمرة تشمل سرطانات وتشوهات خلقية، تؤثر على أجيال متعاقبة.

تلوث البيئة يمتد ليشمل المياه، التربة، والغلاف الجوي، مما يُهدد سبل العيش والزراعة والتنوع البيولوجي في المنطقة.

تهجير الملايين بسبب الخطورة الصحية، ما يفاقم أزمة اللاجئين ويشكل تحديات أمنية وإنسانية على المستويين الإقليمي والدولي.

يتعارض استهداف المنشآت النووية مع مبادئ القانون الدولي التي تحمي البيئة خلال النزاعات، خصوصًا المادة 35 من البروتوكول الأول لاتفاقيات جنيف التي تحظر الأعمال التي تسبب أضرارًا واسعة النطاق للبيئة.

إن تجاهل هذا الخطر يهدد ليس فقط سكان المنطقة، بل الأمن البيئي العالمي، ويستلزم تحركًا دوليًا عاجلاً لمنع أي عمل عسكري يستهدف هذه المنشآت.

توصيات موجهة لصناع القرار والقادرين على وقف النزاع

الدعوة لإيران لوقف دعم الجماعات المسلحة والإرهابية: يُحتم على إيران الكف عن دعم وتسليح الفصائل والجماعات المسلحة التي تزعزع استقرار المنطقة، وتساهم في تصعيد النزاعات، بما يتوافق مع الالتزامات الدولية لوقف تمويل ودعم الإرهاب.

المطالبة بإسرائيل لاحترام سيادة الدول والقانون الدولي: ينبغي على إسرائيل وضع حد لعملياتها العسكرية التي تستهدف دولاً وسيادة شعوبها، والالتزام بالقانون الدولي الذي يضمن سلامة الأراضي وحماية الشعوب من الاعتداءات.

الالتزام الكامل بالقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان: يتعين على جميع الأطراف احترام قواعد التمييز وحماية المدنيين، والامتناع عن أي أعمال عسكرية تسبب أضرارًا غير متناسبة أو تستخدم أسلحة محرمة دوليًا.

تعزيز آليات المساءلة الدولية: دعم عمل الهيئات والمحاكم الدولية لمتابعة الانتهاكات، ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق المدنيين، لضمان الردع ومنع الإفلات من العقاب.

ممارسة ضغوط دبلوماسية فعالة لوقف التصعيد: على المجتمع الدولي والدول الفاعلة في المنطقة تكثيف جهودها الدبلوماسية لإنهاء العمليات العدائية، وفتح قنوات حوار جادة تؤدي إلى تسوية سياسية شاملة.

حماية المنشآت النووية والبنى التحتية الحيوية: ضرورة اتخاذ تدابير دولية ملزمة لمنع استهداف المنشآت النووية، حماية للبيئة والصحة العامة، والالتزام بالمبادئ القانونية التي تحظر الأضرار الواسعة النطاق.

تسهيل وصول المساعدات الإنسانية: ضمان وصول الدعم الإنساني إلى المتضررين دون عوائق، ودعم جهود إعادة الإعمار وتمكين المجتمعات المتأثرة من استعادة حياتها بأسرع وقت.

تشجيع الحوار السياسي الشامل ودعم مبادرات السلام: تعزيز دور الحوار بين الأطراف الإقليمية والدولية لحل النزاعات الجذرية، وبناء مستقبل يعمه الأمن والعدالة والاستقرار.

تفعيل دور المنظمات الدولية والوكالات المتخصصة: تكثيف التعاون مع الأمم المتحدة ووكالة الطاقة الذرية والمنظمات الحقوقية لمراقبة الأوضاع وتقديم تقارير دقيقة تساعد في منع تفاقم الأزمة.

في صخب المدافع وهدير الطائرات، تختنق الحقيقة وتضيع الأرواح. لكن ما لا يمكن أن يضيع هو صوت الضمير الإنساني، ذلك الصوت الذي ما زال يؤمن بأن الحياة تستحق أن تُعاش بكرامة، وأن السلام ليس ضعفًا بل شجاعة، وأن إيقاف الحروب هو أسمى انتصار.

إن الحروب لا تورث إلا الموت، ولا تُخلّف سوى الركام والدموع، بينما السلام يصنع الحياة ويمنح الأجيال فرصة للنهوض، للتعليم، للبناء، وللحب. إن ما نشهده من عنفٍ وتدمير لا يمكن تبريره بأي ذريعة سياسية أو عقائدية، لأن الكلفة أصبحت باهظة: أرواح بريئة، مجتمعات منهكة، بيئة مدمرة، وكراهية تتمدد في الوجدان.

آن الأوان لأن نكسر دائرة العنف، ونستبدل لغة السلاح بلغة العقل، وننحاز للسلام لا للدمار. فالحياة لا تُصان بالقوة، بل بالعدالة. والمستقبل لا يُبنى على أنقاض الحروب، بل على أسس القانون، والحرية، والاحترام المتبادل.

لأجل الإنسانية، لأجل الأطفال الذين لم يعرفوا غير صوت الانفجارات، لأجل أمهات يبكين أبناءهن، ولأجل العالم الذي يستحق أن يكون أفضل…

فلنقل جميعًا: كفى للحرب. نعم للسلام. نعم للحياة.

اخترنا لك