جامعة “إيفين” : السجن الذي علّم الموت واحتضن النخبة
اغتيال وحيد حيدر بوي المسؤول عن تنفيذ أحكام الإعدام ضد داخل السجن
بقلم بلال مهدي – خاص بوابة بيروت
سُمّي سجن إيفين، الواقع في شمال العاصمة الإيرانية طهران، بـ”الجامعة” لا لسمعته الأكاديمية، بل لأن جدرانه السوداء ضمّت نُخبة إيران الحقيقية: مفكرون، كتّاب، موسيقيون، شعراء، أطباء، ومحامون، ممن لم يشاؤوا إلا أن يحلموا بإيران حرة وعادلة.
تأسس هذا السجن عام 1972 خلال عهد الشاه، بقدرة استيعابية لا تتجاوز 300 معتقل. لكن الثورة الإسلامية التي أطاحت بنظام الشاه عام 1979 لم تهدمه كما ظن البعض، بل ورثته، واستعملته، بل وسعته حتى ضمّ أكثر من 15 ألف سجين في ذروة حملات القمع. لم يتغير منطق السجن، بل تغيّر اسم الجلاد فقط.
واليوم، ومع تصاعد الغضب الشعبي المتنامي في إيران، تم الإعلان عن اغتيال وحيد حيدر بوي، أحد أبرز المسؤولين عن تنفيذ أحكام الإعدام ضد المعارضين السياسيين داخل جدران إيفين. اغتيالٌ يحمل دلالات عميقة، ليس فقط بوصفه صفعة للآلة القمعية، بل كتذكير بأن ذاكرة الدم لا تموت، وأن من أمر بالمشانق قد يكون ضحية ذات الحبل يومًا ما.
سجن إيفين، الذي كان يُفترض أن يُهدَم بعد الثورة باعتباره رمزًا للموت والإعدامات والتعذيب، تم الإبقاء عليه، بل تم توسيعه وتحويله إلى مؤسسة للقمع المُمنهج باسم الدين، كما كان سابقًا باسم العرش. لم تتغير وظيفة هذا المكان، بل تعمّق دوره، وارتفعت فيه صرخات المظلومين، حتى بات رمزًا للسجون السياسية في القرن الحادي والعشرين.
لقد آن الأوان لتُطوى صفحة هذا المكان، لا عبر صبّ الإسمنت على جدرانه فقط، بل عبر إنهاء وظيفته التاريخية في سحق الكلمة، وتدشين عصرٍ جديدٍ من العدالة والمحاسبة، تحوّل فيه “الجامعة” من سجن إلى متحف، يروي للأجيال كيف يُمكن للحاكم أن يتحوّل إلى جلاد، وكيف يمكن للسكوت أن يتحوّل إلى جريمة.