“دربي” بيروت والمليون خبير

بقلم عماد موسى

كلما تواجه قطبا السلة اللبنانية ” الرياضي” و”الحكمة” في نهائي أو ربع نهائي أو في افتتاحية بطولة في لبنان أو في قطر أو في دبي أو في بلاد الواق واق ينقسم لبنان الكبير إلى معسكرين مخيفين مدججين بهتافات وحدات النخبة، أي الـ “أتراس”، وأناشيدهم وسرعان ما يبدأ إطلاق الأحكام المبرمة على صفحات الـ “سوشال ميديا” وذلك قبل أن يصوفر “رباح” أول صوفيرة.

يتراوح عدد خبراء كرة السلة في لبنان بين مليون ومليون و300 ألف خبير، من دون احتساب أعداد المغتربين. لا يحق للمغتربين لا التعليق ولا التصويت. يمتلك خبراء كرة السلة معرفة هائلة. يقرأون اللعبة من أول تمريرة. يحملون على تأخر لينوس في الانتقال من الـ “زون” إلى الدفاع الضاغط، و”يشورون” على “الفران” بضرورة إنزال أمير سعود وإخراج كريم زينون، وإن لم يفعل المدربان ما يتوجب فعله “شو فهّمن بالتدريب”.

الخبراء عندنا متقدمون على حكام الاتحاد الدولي لكرة السلة ويضم “ستات” ومعلمي بلاط وطلاب جامعات وهواة سبق أحصنة ومفكرين وعاطلين عن التفكير. فإن أجمع فريق منهم، أي الخبراء، على أن الخطأ المُرتكب على لاعبهم الأسطوري هو خطأ غير رياضي فلا يمكن لأي قوة في العالم أن تقنعهم أن الخطأ عادي. وإن شاهدوا أن “الآوت” كما صفّره “عادل” غير صحيح وتبيّن أنه صحيح بعد لجوئه إلى تقنية الـ I.R.S اتهموا المخرج بالتلاعب في خط الملعب.

أصغر خبير بين الـمليون والتلاثمائة ألف، يفهم بالخطط والتكتيكات أكثر من لينوس جافريل وأحمد فران والياس زوروس (روم ارثوذكس) وجو مجاعص وجاد الحاج وغاتوزو وأبو شقرا وغسان سركيس وبول كوفتر…مجتمعين.

وأصغر خبير يحلل ويعلق أفضل من غياث ديبرا وأشرف سمارة ومايك براين إن اجتمع المعلّقون الثلاثة في دربي واحد.

الدربي هو امتحان لذروة الخبرة لدى جمهور الخبراء. جمهور يتهم المعلق الرصين بالتحيز، والحكم بالعمى، واللاعب الفذ بالـ “مهبول”، والاتحاد بالتواطؤ سواء كان “يبعط” ويشرئب بين جمهور المدرجات أو كان “مشلقحًا” على كنبة يعق بيرة أو قاعدًا بين شلة خبراء في “كافيه” التوتر العالي. وفي قاموس الخبراء الخسارة مؤامرة كونية والربح “دعوسة”.

خبراء كرة السلة في لبنان هم أنفسهم خبراء علم ومناعة وعدد الجرعات وأنواع الكمامات في زمن الكوفيد والأكثر كفاءة كانوا في تحليل عوارض الـ “استرازينيكا” وفعالية الـ “فايزر” وأكثرهم علمًا لا يمكنه التمييز بين علبة البنادول الزرقاء والعلبة الحمراء.

وخبراء الكوفيد أنفسم هم خبراء البيئة الأشهر في العالم وقد ملأوا الشاشات لسنوات حتى فاحت روائحهم.

وخبراء البيئة هم خبراء الصواريخ الباليستية. اللبناني خبير بالولادة…قبل ولادة دربي بيروت.

اخترنا لك