بقلم بلال مهدي
@BilalMahdiii
الأزمة المالية والاقتصادية العميقة التي يعانيها لبنان منذ سنوات أدت إلى تراجع الثقة بالمؤسسات المصرفية والهيئات الرقابية. في هذا السياق، أتى قرار المدعي العام المالي القاضي ماهر شعيتو ليشكل بارقة أمل للمودعين اللبنانيين. فقد أصدر القاضي ماهر شعيتو قرارًا استثنائيًا وجريئًا يقضي بإعادة الأموال المحوّلة خلال الأزمة الأخيرة إلى الخارج، مع تحديد مهلة شهرين لاسترجاعها. القرار يمثل خطوة تاريخية لمواجهة التجاوزات المالية والاختلاس، ويأتي في وقت بالغ الحساسية، خصوصًا للمودعين الذين فقدوا أموالهم نتيجة التحويلات غير القانونية قبل وبعد أحداث ١٧ تشرين.
كما يعكس القرار قدرة القضاء اللبناني على اتخاذ إجراءات حازمة ضد التجاوزات المالية والفساد، ويؤكد التزام الدولة بحماية حقوق المودعين ومصالحها الوطنية. لبنان يخطو بذلك نحو تعزيز الثقة بمؤسساته القضائية والمالية، وإعادة الأمل للمواطنين بأن العدالة المالية ممكنة حتى في أصعب الظروف.
خطوة شعيتو تتطلب دعمًا ومساندة غير مشروطة من كل الجهات المعنية، مع تسهيل الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالحسابات، خصوصًا من قبل لجنة الرقابة على المصارف، وفق التعديلات الأخيرة على قانون السرية المصرفية. التعاون بين القضاء والهيئات الرقابية يشكل مفتاحًا لضمان نجاح المبادرة وتحقيق الهدف المنشود من إعادة الأموال إلى أصحابها.
هذه الإجراءات تفتح بابًا جديدًا أمام استعادة الأموال المنهوبة، وتعزز العدالة المالية، وتمكّن المودعين من استرداد حقوقهم التي طال انتظارها. القرار يرسّخ مبدأ المحاسبة والمساءلة المالية، ويضع لبنان على طريق أكثر شفافية في إدارة الأزمات الاقتصادية الكبرى، ويمنع تكرار الاستغلال غير القانوني للأزمات لصالح مصالح شخصية ضيقة.
قرار القاضي ماهر شعيتو ليس مجرد خطوة قضائية، بل نموذج يحتذى به في العمل القضائي الجريء والمسؤول، ويشكل سابقة قانونية لتعزيز جهود مكافحة الفساد المالي. القرار يهدف أيضًا إلى فتح باب المحاكمات لكل من استغل الأزمة الاقتصادية من سياسيين وأصحاب بنوك، وحوّل أموال المواطنين المنهوبة إلى الخارج، مؤكدًا أن لا أحد فوق القانون، وأن الدولة قادرة على حماية حقوق المواطنين مهما كانت التحديات.
دعم هذه المبادرة ومساندة المدعي العام المالي واجب وطني وأخلاقي، يساهم في إنصاف المودعين واستعادة الأموال المنهوبة، ويعيد الأمل إلى قلوب اللبنانيين الذين عانوا سنوات طويلة من الانهيار المالي والاقتصادي. هذه الخطوة التاريخية تثبت أن لبنان قادر على استعادة سيادته المالية وفرض العدالة، وأن إرادة الدولة والشعب قادرة على إعادة ترتيب أولويات البلاد لصالح المواطنين.