كتب مالك مولوي
بوابة بيروت تنشر مشروع ذاكرة، رغم مرور خمس سنوات على جريمة تفجير مرفأ بيروت في ٤ آب ٢٠٢٠
في الرابع من آب ٢٠٢٥، تمر خمس سنوات على جريمة العصر، على التفجير الذي دمر قلب بيروت وقتل حوالي ٢٣٠ إنسانًا وشرد اكثر من سبعة آلاف.
خمس سنوات مرت، ولا حقيقة ظهرت، ولا عدالة تحققت، بل المزيد من الإهانة لدماء الضحايا، والمزيد من الصمت المريب والتواطؤ السياسي، وكأن أرواح الأبرياء بلا قيمة!
في بلد منهار، أضحى فيه القتل الجماعي بلا محاسبة، يقف النائب غازي زعيتر، أحد أبرز رموز الإفلات من العقاب، شاهدا على هذه المهزلة. الرجل المحسوب على رئيس مجلس النواب نبيه بري، يرفض المثول أمام القضاء، متذرعًا بحصانته النيابية، وكأن الحصانة صك براءة أبدي، وكأن دماء الأبرياء لا تستحق إجابة.
أي دولة هذه التي تعجز عن استدعاء نائب للتحقيق في جريمة بهذا الحجم؟ أي جمهورية هذه التي يهان فيها القضاء وتسحق العدالة تحت أقدام الطائفية وعصابات الدولة العميقة؟
القاضي طارق البيطار، المكلف بالتحقيق، يواجه سيلا من العرقلة والتهديد والتعطيل من منظومة لا تريد للحقيقة أن تقال. كل من حاول الاقتراب من خط التماس السياسي في ملف المرفأ، تم تشويهه أو تحجيمه أو تهديده. واليوم، بعد خمس سنوات، لا متهمين، لا محاكمات، لا قرار اتهامي، بل منظومة متماسكة تتواطأ لحماية نفسها من المساءلة.
بيروت لا تزال مدمرة. وذاكرة الناس لا تزال مشبعة بصوت التفجير، بصراخ الأمهات، ببكاء الآباء، بصور الأطفال الذين طارت أرواحهم من نوافذ بيوتهم. ومع كل ذكرى، تتعمق الجراح أكثر، لا بسبب التفجير فقط، بل لأن الدولة اختارت أن تكون قاتلا صامتا، شريكا في الجريمة، عبر الصمت والتقاعس والتواطؤ.
غازي زعيتر، ومن هم على شاكلته، لا يهربون فقط من العدالة، بل يدوسون عليها علنا. هم فوق المساءلة والمحاسبة. يتحدون القضاء، يسخرون من القانون، ويظنون أن دماء اللبنانيين ماء. لكن ما لا يدركونه، أن العدالة قد تتأخر، لكنها لا تموت. وأن الشعوب التي تنكسر، تنهض يوما لتقتص. وسيأتي يوم يسقط فيه هذا الحصن الوهمي من الحصانات، ويساق كل مسؤول إلى المحاسبة، مهما طال الزمن.
بيروت تستحق الحقيقة. الضحايا يستحقون العدالة. والعار كل العار لمن يتقاعس، يعرقل، يحمي، ويسكت!