كتب العميد المتقاعد سامي الرماح
–
#بوابة_بيروت تنشر #مشروع_ذاكرة، رغم مرور خمس سنوات على جريمة تفجير مرفأ بيروت في #٤_آب ٢٠٢٠
ارجو ان يكون مقبولاً عدم الدخول في سردية تفجير المرفأ لأنني اعتبر ان الجميع افضل مني بسرد الوقائع واسمح لنفسي بمقاربة نقديه لتعاطي دولتنا الفاشلة مع قضية تفجير مرفأ بيروت.
كنت منذ ثلاث سنوات مقيماً في الولايات المتحدة الأمريكية وتنقلت بين عدة ولايات منها وخلال فترة اقامتي هناك تيقنت ان عظمة الدول وقيمة شعوبها لا تتعلق بدرجة الغنى ولا حتى بمستوى المعيشة بل بشأن آخر هو القانون.
القانون في أميركا هو شأن مقدس اكثر من الانجيل والدستور لا بل أكاد أجزم انه اهم من كل شيء.
في الولايات المتحدة الأمريكية البلاد المترامية الأطراف يحترم الكل القانون من أقصى الجنوب في فلوريدا حتى أقصى الشمال في ألاسكا ومن أقصى الشرق في نيويورك حتى أقصى الغرب في كاليفورنيا حتى انه في مقدمة الدستور هناك جملة تختصر احترام القانون تقول (every body is subjected to low) أي الجميع تحت القانون وخاضع للقانون.
بدأت حديثي حول ذكرى ٤ آب وتفجير مرفأ بيروت بمقدمة عن الولايات المتحدة وقانونها وسوف أنهي حديثي عن القانون هناك بحادثه حصلت مع صديق لي حيث تعرض لحادث اصطدام بحواجز أسمنتيه موضوعه حول حفريات على احدى الطرق السريعة حيث تضررت سيارته بشكل كامل ووقعت في حفرة كبيره وأصيب هو بجراح بليغه أدت إلى بتر احدى قدميه فقام برفع دعوى ضد وزارة الاشغال العامة في الولاية حيث صدر الحكم بمسؤولية الوزارة عن عدم إضاءة الحواجز الأسمنتية لتنبيه السائقين ليلاً وتم التعويض عليه بمبلغ مليون ونصف المليون دولار وقدم مدير الاشغال العامة استقالته وتم زج مسؤول الموقع في السجن وتغريمه بغرامة كبيره، وهنا اصل لبداية حديثي عن تفجير مرفأ بيروت كي اسأل: ٥٠٠ شهيد و٣٠٠٠ جريح و٣٠ الف شقه متضررة كلياً او جزئياً ولا يوجد متهم واحد في السجن!!!!! ولم يتكرم مسؤول واحد بتقديم استقالته والاعتراف بمسؤوليته عما جرى!!!
لو حدث هذا الانفجار في زيمبابواي او جزر الماو ماو او مجاهل افريقيا او الموزمبيق لسقطت حكومات وتم زج العشرات خلف القضبان واستقال المسؤولين عن هكذا حادث ،بينما في بلد العجائب لبنان قام رأس السلطة القضائية او الاتهامية بإطلاق الموقوفين بهذه القضية نكايةً بالمحقق العدلي !!!! وتم تغيير محققين عدليين فقط لان القوى النافذة لا ترغب بوجودهم!!!!
اما المحقق الذي رسى عليه الملف فقد رُفِعَت بوجهه عشرات الدعاوى لكف يده !!! اكثر من ذلك لم يتمكن المحقق العدلي من استدعاء أي مسؤول سياسي له علاقه بالانفجار لأسباب واهيه وغير منطقيه ووهميه وسياسيه وبسبب حمايات طائفيه لهم وحتى اليوم بعد 5 سنوات على الحادثة لم يتم انجاز التحقيق ولا اصدار قرار يجرِّم المسؤولين عن الانفجار ولم يتم التعويض على الضحايا واضحت القضية مثيرة للاشمئزاز والسخرية بحيث يبدو وكأن الضحايا هم الذين انتحروا وارادوا الموت ومسؤولية موتهم يتحملونها هم لانهم كانوا مارِّين على طريق المرفأ!!!!! اين القانون اين الأصول اين المنطق في كل ما جرى ويجري ؟؟ لا منطق ولا قانون يمكن ان ينطبق على مسار هذا الانفجار فقط لأننا في بلد اللامنطق واللاقانون ولأننا في بلد المحسوبيات والحصانات الطائفية والسياسية البغيضة.
كل المسؤولين من مختلف الطوائف وعلى كل المستويات يقولون نحن في بلد ودولة القانون والمؤسسات وكل هذا كذب ونفاق ومحاصصات وفساد وظلم يدفع نتيجته أهالي وضحايا انفجار مرفأ بيروت ويدفع اللبنانيين إلى اليأس ومن ثم للهجرة بحثاً عن ملجأ آمن يشعرون فيه انهم بشر وليسوا ارقام ويتركون مرقد العنزة ليرقد فيه الذئاب الكاسرة التي عاثت في لحم البشر نهشاً وفي قانون البلد تمزيقاً.والله ان قانون الغاب يحترمه حيوانات الغابه اكثر مما يحترم المسؤولين هنا قانون دولتهم .
اين الله من كل ما جرى ويجري؟؟ وليس لنا إلا مناجاته : إلى متى يا ألله تتركنا فريسةً للذئاب؟ اليس لهذا الليل الطويل من نهايه؟؟ ألا يوجد صبح بعد هذا الليل؟؟ بلى ان الصبحَ قريب لا بل قريبٌ جداً.