حين مشى #الشيّطان في شوارع #بيروت

كتبت غادة المرّ

#بوابة_بيروت تنشر #مشروع_ذاكرة، رغم مرور خمس سنوات على جريمة تفجير مرفأ بيروت في #٤_آب ٢٠٢٠

المكان، مرفأ بيروت… الزمان، الرّابع من آب ٢٠٢٢ الساعة السادسة وسبع دقائق… كان هناك من يترصّد، من يتحرّك بين الأزقّة… يتنفّس في عتمة البيوت، خلف الجدران ويترك بصماته على الأرواح قبل الأجساد.حاول الهرب والاختباء، لكّنه هذه المرّة لم يجد ظلاماً كافياً ليرتديه، ليغطّيه.

حين مشىت الشياطين في شوارع مدينتي بيروت، كلّنا نتذكّرهم ككوابيس زحفت الى بيوتنا في اللّيل. لم نكن نتذكّرهم كأخبار عاديَة في الصّحف وفي نشرات الأخبار. الأشباحُ الّذين جعلوا من النوم رفاهيّة وجعلوا من الظّلام عدواً.

ليست كلّ البطولات ترتدي درعاً. لم ينجُ أحد، فمن مات، دفن تحت التّراب ومضى، ومن بقي على قيد الحياة بل على قيد الجراح النازفة في الرّوح ،بقي ميتاً يتنفّس، ومضى.

حين تصبح اكتاف الناس طريقاً الى المستقبل، حين استطاع من نجا أن يحمل أحلام من رحلوا ، على أكتافهم ومشوا وهم ينزفون ويجرَون لعنة السّلاح ورماد الظلم، وغياب العدالة والحقيقة. مشوا نحو الضوء ، هناك حيث لا ألم ولا دموع ولا دماء … نحو الضوء الذّي لا يخبو ولا يحرق.

لا نعرف، بعد أن هدأت أصوات التفجير وصمت هدير الموت وحلّت العتمة في ذاك المكان، غدا ذاك المكان المشؤوم بارداً .

لا أحد عرف ما الّذي حصل. هم شياطين بهيئة بشر . ربما من فجّر مرفأ مدينة بيروت، من خزّن الموت أكياساً بلون الشّر ، ربما مات ، او ربما نجا ومشى في ظلام الليل، ربّما هو الوحيد الذي نجا وهو يبتسم، وهو يدرك أن العالم كلّه، يبحث عنه ، عن وجهه، بينما هو يختبئ وراء خوذة بيضاء، لا تكشف شيئاً.

هم أقوياء بالإرهاب والتفجير والاغتيال وبكمّ صوت الحقيقة وترهيب القضاة وطمس الأدلّة وقمع الأبرياء. وهم باسم الله يصلّون وينكرون.

رغم الخوذة ورغم كلّ ما ذكرت . هم مكشوفون و ملعونون وكلّ العالم يعرف الحقيقة . ولكن … لا أحد يتجرّأ ويعلنها . كلّنا نعرف أسماهم ووجوههم وبصمات أيديهم ، وهي مكشوفة لنا ولعدالة السّماء.

حين مشى الشُيطان الأكبر وهو يقهقه في تمام ساعة كانت تشير للسادسة وسبع دقائق…

أضرم ناره وفتح أبواب الجحيم ، ضحك وتسللّ مع عصف التفجير ورائحة الموت والبارود واختبأ خلف سحب الدّخان ، ولملم الأرواح و هدم الحجر ونشر الموت ألواناً وصوراً وخطّ حقده على أجساد الضحايا والجرحى ، وعبث في المكان جنوناً ورحلَ بما حمل…

لم نتخطَ بعد ذاك التفجير ولم ننسى مسرح الجريمة والتصقت بنا بذاكرتنا وفي ارواحنا رسمت لوحات لا تتحلل مع مرور الوقت.

رغم تنكره ، ذاك الشّيطان وشياطينه السود ، عرفناهم و طلبنا عدالة السماء من ساكنها، ولم يتأخر الردّ، فالملائكة ،الضحايا، أخبروا الله بكلّ شيء ، ونحن همسنا باسم ذاك الشيطان وجنوده .

عدالة السّماء تحققت وننتظر عدالة الأرض كي يكتمل المشهد.

ناموا قرري العين يا ملائكة ذاك اليوم الملعون فذاك الشرير الذّي فجّر مرفأ بيروت وحصد الأرواح وهدّم الحجر وارعب بيروت والعالم ، قد رحل ومعه جنوده الأشرار . العدالة لم تتأخر ،وأعدكم لن تتأخر.و شكراً لكم.

اخترنا لك