بقلم د. علي خليفة
ماذا فعلت الدولة في مصر مع الإخوان المسلمين الذين أعدّوا وشهروا شعارهم “الإسلام هو الحلّ” فأكرهوا الناس على نقيض مشيئة إله الناس، وكانوا يستهدفون الأمن ويروّعون الآمنين؟ حاكمت زعماءهم وسجنتهم ولم تخضع لابتزازهم. كذلك فعلت تونس والجزائر وكذلك فعلت المملكة الأردنية في سياقات مختلفة، مع تحدّيات مماثلة، تطال وجود الدولة من عدمه واضطلاعها بأدوارها الكاملة دونما تجزئة أو نقصان.
إلا لبنان… إلا مع المنظمة المدعوة “حزب الله”… في السياسة، أصبح لـ “حزب الله” غير المرخّص وفقًا للقانون، نوابٌ يمثّلونه في الندوة البرلمانية ووزراء يتشاركون مهام السلطة التنفيذية ورؤساء مصالح ومديريات وعمداء أفواج وكليات.
وفي التعليم العام، تحت عنوان حرية التعليم، يُغضّ الطرف عمّا يحصل في مدارس الجمعيات التابعة لـ “حزب الله” من تعبئة عقائدية وغسيل أدمغة وتشويه الطفولة وخنق الحريات والانتقاص من كرامة الإنسان عبر ربط ولائه وإمرة نفسه وتفكيره بإرادة رجل غامض، عبوس غاضب، وليّ غير فقيه مدّعي الألوهة والنبوة والعصمة والسداد.
وفي الاقتصاد والمال، من خارج الأنظمة والقوانين، أصبح لـ “حزب الله” مؤسسات لتبييض المال بحجة إقراضه، وشبكات للدعارة، وبنون ومتعة، ومقاولات وأعمال تجذب العقوبات. في الثقافة، حلّت على لبنان زهاء عقود نشوء “حزب الله” وانتشاره، سنون عجاف فصارت المرأة سلعة متدثّرة بشادور وأصبح الإبداع مخصيًّا والجمال مذمومًا والهناء تهمة والشقاء نعمة والموت سعادة.
أكثر ممّا سلف، يصدر عن “حزب الله” من رأسه حتى أخمص ممثليه، خطابات وتصريحات تنطلي على أفعال جرمية بحق الدولة وسيادتها وأمنها الوطني من قبيل التلويح بالفتنة واستجرار الحرب، وبحق الشيعة من قبيل رميهم مجدّدًا في التهلكة وانتزاعهم من مجتمعهم وهويتهم الوطنية وإلحاقهم بخريطة النفوذ الإيراني.
حزب الله التفّ على القرار 1701 ويسعى اليوم لتعطيل خطّة براك للاحتفاظ بما تبقى من سلاحه ليخوض به أي مواجهة جديدة غبّ الطلب نيابة عن إيران وعلى حساب لبنان وسائر اللبنانيين ويستغلّ نتائج حرب الإسناد الفاشلة لتجديد ذريعة السلاح بحجة وجود نقاط محتلّة.
إن حصرية السلاح بيد الدولة ضرورة لبنانية ملحّة قبل أن يكون مطلبًا دوليًا ولا ينبغي انتظار دعوة رسمية من الخارج ليقوم المسؤولون اللبنانيون بما تقتضيه مسؤولياتهم في تطبيق خطاب القسم أو لناحية ما يجدر أن يمارسه مجلس الوزراء كسلطة تتفيذية وفرضه بقوة القانون والشرعية أو لناحية ملاحقة مسؤولي “حزب الله” وعناصره أمام القضاء ومحاكمتهم على أفعالهم الجرمية وسجنهم.