٧ تموز : يوم المرأة اللبنانية… حين يتلاقى التكريم بالتمكين

بقلم كوثر شيا

في مشهد يفيض فخرًا وحضورًا نسائيًا لافتًا، احتفل الاتحاد اللبناني لسيدات الأعمال والمهن BPW Lebanon بيوم الاتحاد اللبناني في ٧ تموز، على خشبة مسرح القصر البلدي في زوق مكايل، برعاية وزير الإعلام المحامي بول مرقص، وحضور ممثلين عن البلديات ورئيس اتحاد البلديات كسروان الفتوح الاستاذ إيلي بعينو، وشخصيات قانونية واجتماعية واقتصادية.

لكنّ الحدث كان أعمق من حفل تكريمي. كان بمثابة منصة لإعادة التأكيد على أنّ المرأة اللبنانية، رغم الأزمات المتلاحقة، ما زالت تبادر وتبتكر وتغيّر.

٧/٧… يوم تاريخي، موعد سنوي لاكتشاف الذات الجماعية للمرأة اللبنانية

الرئيسة كارمن زغيب أكدت أن هذا التاريخ لم يُختر عبثًا، بل ليكون مساحة سنوية لقراءة ما تحقق على صعيد تمكين المرأة، والتخطيط لما هو آتٍ. فمنذ تأسيسه عام 2014، حمل الاتحاد على عاتقه مسؤولية فتح المسارات أمام المرأة اللبنانية لتكون شريكة فاعلة في الاقتصاد والمجتمع والسياسات المحلية. مبادرة “البطاقة الذهبية”، التي تُمنح سنويًا لسيدة أثّرت في محيطها، ليست فقط وسامًا، بل أداة لخلق شبكات دعم وتبادل خبرات بين النساء الرائدات.

من القضاء إلى التعليم والزراعة، المرأة تصوغ مجتمعًا من القاعدة

الكلمات التي أُلقيت خلال اللقاء لم تكن بروتوكولية، بل شهادات حيّة عن التغيير الذي تقوده المرأة اللبنانية من مواقعها المختلفة. القاضية أماني سلامة أعادت تسليط الضوء على مبادرتها “حقكم تعرفوا” التي أسستها انطلاقًا من تجربتها القضائية ورغبتها في سدّ فجوة الوعي القانوني لدى المواطنين، لا سيما في المناطق الطرفية. بكلماتها الصريحة عن “هيمنة الغرائز الطائفية” على المشهد العام، دعت إلى استنهاض لغة العقل والمواطنة.

أما عليا عباس، المديرة العامة السابقة لوزارة الاقتصاد، فقد ربطت بين حقوق المرأة الاجتماعية والاقتصادية، مشددة على أن رعاية الأسرة وتحقيق الذات ليستا مهمتين متعارضتين، بل متكاملتين. وأشارت إلى أنّ جائحة كورونا فتحت المجال أمام النساء لاكتشاف قدراتهن الإنتاجية من منازلهن، مؤكدة أنّ الزراعة المنزلية، مثلًا، أصبحت أكثر من مجرد هواية: إنها مقاومة اقتصادية.

القاضية أماني سلامة والسيدة عليا عباس كانتا من أوائل الحاصلات على البطاقة الذهبية من الاتحاد، وذلك في عام 2017 تقديرًا لإسهاماتهما في المجالين القضائي والاقتصادي.

تكريم نورا المرعبين، التكنولوجيا بلمسة نسائية

امًا تسليم البطاقة الذهبية لهذا العام إلى المحاضرة والمخترعة نورا المرعبي كان أكثر من تكريم. من خلال مبادرتها “She Leads”، أثبتت نورا أن التكنولوجيا والتعليم أدوات تمكين فعّالة حين تُستخدم لصالح المجتمع. في بيئة ما زالت تقاوم تغيّر أدوار النساء، اختارت المرعبي أن تكون صوتًا يُسمَع، وطريقًا يُعبّد أمام الأخريات.

بول مرقص، عهد جديد للمرأة؟

الوزير بول مرقص، راعي الاحتفال، خصّ النساء بتحية ملؤها التقدير، مؤكدًا أن المرأة اللبنانية تكتب فصولًا جديدة في كل مجال من المال والطب إلى التكنولوجيا والابتكار. أما النقطة المفصلية فكانت في حديثه عن “العهد الجديد” بقيادة الرئيس جوزاف عون، حيث وضع تطلعات اللبنانيين في سلة واحدة، محمّلاً هذا العهد مسؤولية استعادة مكانة المرأة كشريكة حقيقية في بناء الدولة.

من يوم رمزي إلى منصة وطنية للتأثير والتغيير

إن ما بدأ كيوم رمزي لتكريم المرأة اللبنانية، يجب أن يتحوّل اليوم إلى منصة وطنية مفتوحة، بشعار واضح ومحتوى متجدد، يحمل على عاتقه مسؤولية تسليط الضوء على الإنجازات، ورصد التحديات، وابتكار حلول مستدامة في ميادين الاقتصاد والسياسة والتعليم والرعاية الاجتماعية.

٧/٧ هو أكثر من مناسبة… هو نداء لإعادة بناء لبنان من خلال طاقات نسائه.
هو دعوة لكل الجهات الرسمية والخاصة، ولكل الهيئات النسائية والشبابية، أن تتوحّد في مبادرة وطنية جامعة تُطلق من هذا التاريخ منبرًا دائمًا للحوار، والدعم، والتغيير.

فالمرأة اللبنانية لا تحتاج فقط إلى التكريم، بل إلى مساحة حقيقية تُصغي إليها، وتُخاطب طموحها، وترافق خطواتها نحو مستقبل تُشارك في صناعته بندّية وكفاءة وجرأة

إلى كل امرأة تحمل في قلبها حلماً، وفي يدها عملاً، وفي عقلها رؤية… إلى كل من تصنع الفرق في صمت أو في العلن، في بيتها أو في شركتها، في قريتها أو على منبر دولي…

هذا اليوم هو يومك. ٧ تموز هو اعتراف رمزي بقدرتكِ على القيادة، على التغيير، على إعادة تشكيل الواقع مهما كانت الظروف.

لكل امرأة لبنانية تمتلك الشجاعة والإرادة والإبداع، أنتِ لستِ فقط جديرة بالتكريم، بل أنتِ من تصنعين المعنى الحقيقي للتكريم.

من كل القلب، كل التمنيات بمزيد من التألق والتأثير… هذا اليوم لكِ، وهذه الأرض تنتظر قيادتكِ.

كل عام وأنتِ بخير، كل يوم وأنتِ القوة الهادئة التي تغيّر.

ولا يمكن أن نختتم هذا اليوم من دون توجيه كلمة شكر وامتنان لكلّ من كانت جزءًا من تأسيس هذا الاتحاد، لكل امرأة آمنت منذ البداية بأن التغيير يبدأ بخطوة، وأن التمكين لا حدود له.

شكرًا للرائدات في لبنان اللواتي وضعن اللبنات الأولى، وشكرًا للداعمات في الخارج، وخاصة للشيخة د. حصة سعد العبدالله الصباح، الداعمة الأولى للاتحاد، ولكل امرأة لبنانية في الاغتراب حملت هذا الحلم في قلبها وظلّت مؤمنة بقدرة المرأة على المساهمة في بناء وطنها أينما كانت.

بفضل هذه الطاقات المتناثرة في الداخل والخارج، أصبح الاتحاد مساحة لقاء وتكافل وتخطيط لمستقبل تستحقه المرأة اللبنانية، ويحتاجه لبنان بشدة.

اخترنا لك