بقلم غادة المرّ
@GhadaMurr
أبعد من عمليّة البيجر اللبنانيّ،قتل الإيرانيون في عقر دارهم وفي غرف نومهم،بضغطة زر.لعلّه الاختراق الأكبر الّذي أدّى الى اغتيال قادة الصّف الأول في ايران وأكثر من ١٢ عالمٍ نوويّ ، في أول يوم من حربٍ شنّتها إسرائيل على طهران. لم تكن مجرّد ضربة عسكريّة، بل عملية استخباراتيّة فائقة الدّقة.
هنا بدأت القصّة… حصلت اسرائيل على معلومات شديدة الحساسيّة، تتعلّق بالبرنامج النوويّ الإيرانيّ، سُرّبَ الخبر،فارتبك القادة الايرانيون وأصبح هاجسهم الوحيد، معرفة ماهيّة المعلومات التي أصبحت بحوزة الموساد والخطر الّذي تشكّله عليهم.
تلقّفت تل ابيب أجواء الارتباك الإيرانيّ، وقرّرت تزويدها بما تريد، لاستدراجها، وقررّت تمرير ملفّ رقميّ pdf يعمل بالذكاء الاصطناعي، ويمكنه تحديد موقع من يضغط على الزر ليقرأ. وفور فتح أيّ مسؤول أو قائد او عالم، لهذا الملفّ الرقميّ، تمّ تحديد موقعه بدقّة بالغة، ما سهّل على اسرائيل تنفيذ الضربة الجوّية الدّقيقة، التي أدّت الى مقتل كبار القادة خلال اجتماع أمنيّ، من بينهم قائد الحرس الثوري اللّواء حسين سلامة، وقائد القوة الجو – فضائية اللواء داوود شيخان. وفي السياق ذاته، عُلم انّ الوثائق الّتي نشرتها وسائل الإعلام الإيرانيّة قبل أسبوع والّتي إدّعت أنّها خطط استخباراتيّة للرد على أيّ هجوم اسرائيليّ ضد المنشآت النوويَة، ليست سوى مواد دعائيّة مضللّة ولا تمت للحقيقة الاستخباراتيّة بصلة.
عملية ال rising lion الاخيرة، تبيّن أنّ الموساد استخدم ذكاء اصطناعيّاً وطائرات صغيرة مسيّرة، زرُعت مسبقاً داخل ايران لضرب مواقع حساسة استراتجيّة عسكريّة ونوويّة، وقتل قادة من الحرس الثوري. هذه العمليّات وثقتها مصادر مثل : washington post AI/ Arabia times of Israël/ Business Insider، مع تحليل ماليّ وامنيّ يدعم تنفيذها.
كما نفّذ الموساد سلسلة عمليات استخباراتيّة جريئة داخل إيران.هجمات حديثة باستخدام تقنيّات متقدّمة كلّها موثّقة وموثوقة.
اسرائيل في قلب طهران… كيف اخترق الموساد طهران:
١-التكتيك:
-استعمل الموساد ذكاءً اصطناعيّاً لتحليل سلوك قادة ايرانيين، وتحديد نقاط ضعف في منظومات الحماية.
-مسيّرات صغيرة تمّ تهريبها مُسبقاً الى داخل ايران، عبر عدة طرق رسميّة، يعتقد عبر أذربيجان او العراق.
-العمليّة، تمّ تنسيقها من مركز استخبارات في أوروبا الشرقيّة، بمساعدة جواسيس ميدانيين في طهران.
٢-الهدف:
-تدمير مراكز تطوير صواريخ دقيقة التوجيه قرب اصفهان. ومواقع لتجميع رؤوس نوويّة في محيط قم.
-استهداف مباشر لقادة في قوّة الجو – فضاء، التابعة للحرس الثوريّ، وليس فقط البنية التحتيّة.
٣-الجديد:
-كان جديد حرب اسرائيل في غزّة ولبنان وإيران، الإعتماد على الذكاء الاصطناعيّ، لتحريك السّلاح بعد رصده تلقائياً عبر الكاميرات المزروعة سابقاً.
-الهجوم لم يترك توقيعاً رقمياً مباشراً، ما أربك فرق الأمن السيبراني الايراني ،لساعات.
٤-التأثير:
-نفت ايران في البداية،ثمّ أقرّت بخروقات أمنيّة.
-لم تعلّق إسرائيل رسمياً. لكن مسؤولين سابقين أشاروا بشكلّ غير مباشر الى تفوّق استخباراتيّ غير مسبوق.
-العمليّة أحدثت صدمة داخل الدّوائر الامنيّة الايرانيّة، بسبب دقَة الاستهداف، وغياب أيّ تسريبات مسبقة.
الجيش الاسرائيليّ يكشف عن عمليّات كوماندوز داخل إيران، خلال الحرب الأخيرة. وقد صرّح رئيس أركان الجيش الاسرائيليّ: الجنرال إيال زامير ، إنّ قوات كوماندوز اسرائيليَة نفّذت عمليات سريّة داخل الأراضي الايرانيّة. وتابع زامير : ألحقنا أضراراً جسيمة بقدرات إيران الصاروخيّة، وأزلنا مئات منصّات الإطلاق، وأحدثنا تأخيراً كبيراً في خططها لتوسيع قدراتها العسكريّة.
وأضاف: لقد حققنا تفوّقاً استخباراتيّاً وتكنولوجيّاً وجوّياً ، وبلغنا مستوىً من حريّة العمل العمليّاتي في أجواء إيران وفي أيّ موقع إخترنا العمل فيه، مضيفاً أنّ البرنامج الايرانيّ النوويّ تلقّى ضربة، قاسية، وواسعة النّطاق، أعادته سنوات الى الوراء.
كما اضاف أنّ قوات الكوماندوز الجويّة والبريّة،عملت بسريّة تامة في عمق أراضي العدو ونفّذت عمليّات منحتهم حريّة مناورة غير معهودة. وهناك تقارير ، تحدّثت عن قيام الموساد في المراحل الأولى من الحملة، بعمليّات استهدفت تعطيل الدُفاعات الجويّة الإيرانيّة والصّواريخ البالستيّة.
وتدور الشّبهات حول تحالف Raw- Mossad وقضيّة Dohra في قطر. والاتّهام بالتجسّس لصالح اسرائيل. فهل هناك وجودٌ لشبكة استخباراتيَة هنديّة – اسرائيليّة، تقومُ بعمليّات اغتيالٍ بايران عبر اختراق البنى التحتيّة الخليجيّة؟
ولعلّ ابرز عمليات الموساد، بالسنوات الأخيرة، هي خطف واغتيال، العالِم ومهندس السّلاح النوويّ، فخري زاده، وتمّت بواسطة سلاح تحكّمٍ بآليّةٍ عن بعد (بنهاية 2020).
و اعترفت تل ابيب بسرقة الارشيف النوويّ الايرانيّ عام 2018, حين اخترقت مجموعة ٌ صغيرةٌ من الموساد مستودعاً سريّاً جنوب طهران واستولت على 100.000 وثيقة تشمل مشروع عماد والسّلاح النوويّ، تمت العمليّة خلال ست ساعات ونصف وتمّ نقلُ الوثائقَ عبرَ طرقٍ برّيّةٍ الى أذربيجان ومن ثمّ الى إسرائيل.
طائرة أميركيّة واحدة… أحدثتِ الفرقَ : طائرة الشّبح B12 spirit.. طائرة اميركيّة تستطيع أن تخترقَ أيّ أجواءٍ، تضربُ أيّ هدفٍ ثمّ تعودُ دون أن يعلمَ أحدٌ أنّها كانت هناك. لا تظهر على الرادار، لا تلتقطُها الأقمار الاصطناعيّة، ولا يمكن تتبّعُها حراريّاً. كما ، لا يستطيعُ أيُّ إنسانٍ أن يتحكّمُ بها يدويّاً، لأنّها معقّدة جدّاً.
لماذا؟ لأنّ من صنعها،احترم العلمَ واستثمرَ في العقولِ، وأقامَ جامعاتٍ ومعاملَ، كما كرّمَ العلماءَ لا المغنّين، وكرّمَ المخترعين لا لاعبي الكرة .
الشرق الأوسط الجديد يولد بمعموديّة الدّم والنار والسّلاح ، ولعلّ الأحداث الداميّة التّي تدورُ رحاها في السويداء جنوب سوريا ، تفتح الباب على مصراعيه ليمرّ ما كتب في عتمة الغرف السّوداء ، لترسم اشباح اصحاب القرار حدودَ شرقٍ جديدٍ بدماء وأشلاء شعوب منكوبة ومغسولة أدمغتها بالجهل والفقر والدين والقبليّة، والحقد والتّخلّف .
ثمّ يتعجّبون ويتساءلون كيف يموتون ويقتلون وتسلب دماءهم وحياتهم وأرضهم … وتنجو وتنتصر اسرائيل.؟
حما الله شعوب هذا الشرق الملعون والبائس، والتي وحدها تدفع الأثمان الباهظة، ويجني الفوائد والمغانم والسلطة والثروات من يتحكّمون بعقول هؤلاء و على أشلائهم ومآسيهم يفاوضون ويعقدون الصَفقات والتحالفات.
من أجل تلك الشعوب البريئة نصلّي من أجل السلام ونبذ الحروب والاقتتال.
أيّها القادة ، بربّكم كفى لم نعد نحتمل المزيد من الحروب والاقتتال والجبهات والدّمار والدّموع والخسارة ، والخيبات . تعبنا .