دعا شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى الدول المؤثرة والراعية للثورة السورية وفي مقدمتها الدول العربية الشقيقة رعاية واحتضان مسيرة بناء الدولة واتفاقها مع مكونات البلاد، للوصول الى عقد اجتماعي وطني يطمئن الجميع ويرسم آفاق المستقبل، وفك الحصار عن السويداء وفتح الممرات الانسانية، مطالبا بتحقيق شفاف حول ما ارتكب من مجازر ومحاسبة عادلة وحازمة للمفاعلين والمحرضين.
كلام شيخ العقل جاء خلال مؤتمر صحفي عقده اليوم في دار الطائفة في بيروت، لشرح الواقع الانساني المؤلم الذي تعيشه محافظة السويداء وإطلاق حملة انسانية واسعة لفك الحصار المفروض على السويداء وتأمين التبرعات والدعم اللازم للعائلات المنكوبة والاعلان عن خطوات عملية في هذا المجال، بحضور عدد من أعضاء مجلس الإدارة واللجان المعنية في المجلس المذهبي، ومسؤولين من مديريتي المجلس ومشيخة العقل والمستشارين.
استهل أبي المنى مؤتمره بالقول: “انطلاقاً من مبدأ صحة الإيمان وحفظ الأخوان، وشعوراً من مشيخة العقل والمجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز بواجب نصرة أهلنا في السويداء الجريحة والمساعَدة في بلسمة جراح المنكوبين منهم، وتأكيداً على وحدة الطائفة المعروفية وترابطها الروحي والاجتماعي، وبعد تعذُّر الوصول إلى اتفاقاتٍ متينةٍ تعزِّز الثقةَ بالدولة وتنشرُ الاطمئنان في الجبل، ونتيجة لما حصل في السويداء من اعتداءات وانتهاكاتٍ ومجازر وأعمالٍ تخريبية ولاإنسانية، بحقّ الشيوخ والنساء والأطفال، بما في ذلك من حقدٍ وكراهية وتطرُّفٍ وغيابٍ تامٍّ لصوت الضمير، وتفلُّتٍ مُطلَقٍ من مبادئ الإسلام والوطنية والإنسانية، بما لا يتصوّرُه عقلٌ ولا يتوقّعُه عاقل، وما رافق ذلك من ملاحمَ بطوليةٍ دفاعاً عن الأرض والعرض والكرامة.
ومع انكشاف الواقع الحقيقي، يوماً بعد يوم، على كمٍّ كبيرٍ من الخسائر الهائلة في الأرواح والممتلكات، ونكبة العديد من العائلات، والحاجة الملحّة لمستلزمات الحياة في مختلف المجالات، في مشهدٍ مأساويٍّ غير مألوفٍ في ديارنا، ومعَ رجائنا بأن تتمكن الدولة السورية الفتيّة من استعادة هيبتها وتأكيد قدرتها على معالجة الواقع بحكمةٍ وعدالة لضمان الاستقرار وتحقيق الازدهار الذي نتمّناه لسوريا ونرى تباشيره في أكثر من مجال استثماري وعلاقات دولية.
كان لا بدَّ لنا إزاء ما شاهدناه وواكبناه من إدانة الاعتداء الآثم على السويداء ومحاولة تمزيق النسيج الاجتماعي في المحافظة، وإثارة الغرائز ومشاعر الكراهية بين أبناء الوطن الواحد، وكان لا بدَّ لنا أيضاً من الوقوف إلى جانب أهلنا وكلِّ مَن اعتُديَ عليه وتضرَّر من أبناء السويداء الشمَّاء، الذين كانوا فريسة الحقد والتربية على الكراهية، وإن كنَّا نتحفّظ اليومَ على الدخول في الموضوع السياسي والأمني لنُفسح في المجال لمساعي التهدئة أن تتضاعفَ وتتكثّف، ونحن نقوم بجزءٍ من تلك المساعي ونشدُّ على أيدي سُعاةِ الخير ونكرِّرُ الطلبَ إلى الدول الحاضنة للثورة والراعية لانتصارها، وفي مقدَّمتِها الدولُ العربية الشقيقة التي هي موضِعُ الأمل والرجاء، والتي تعرف عن كثبٍ هويةَ السويداءِ العربية الأصيلة وتاريخها النضاليِّ المشرِّف من أجل استقلال سوريا وكرامة الأمة، نطالبُها بأن ترعى وتحتضن مسيرةَ بناءِ الدولة واتفاقِها معَ مكوِّنات البلاد، للوصول إلى عقدٍ اجتماعيٍّ وطنيٍّ يطمئن الجميع ويرسمُ آفاقَ المستقبلَ المرتجى لسوريا الحديثة”.
وتابع :” وبالتوازي مع المساعي الحثيثة لاحتواء المشهد الحربي ومعالجة الأمور السياسية، فإنَّنا نرى أنفسنا مَعنيّين، في هذه اللحظة الحرجة، بتحمُّل المسؤولية الإنسانية على الأقلّ، بالوقوف إلى جانب أهلنا في محنتهم، وهم السوريون الضاربون عمقاً في وطنيتهم وعروبتهم وإخلاصهم وتمسكهم بالوحدة الوطنية، لكنهم اليومَ في حالٍ لا يُحسدون عليها، وقد ناشدوا وناشدنا معهم دولَ العالم والمنظماتِ الدوليةَ والإنسانية للتحرُّك السريع والواسع للإغاثة والإنقاذ، وها نحن اليوم باسم مشيخة العقل والمجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز نطلقُ حملةً إنسانيةً واسعة، ونداءً عالياً عاجلاً لنصرة السويداء المنكوبة وبلسمة جراح أهلِها العميقة، بالعمل الدؤوب لإنقاذ الجرحى ومعالجة المرضى والمصابين وإعادة المخطوفين وعلى الأخص النساء منهم، اليوم قبل الغد، وحفظ سلامة الطلاب الدروز في الجامعات والمناطق، ولتأمين حاجيات العائلات التي هُدِّمت بيوتُها أو حُرقت وتلك التي فقدت معيلَها أو التي لم يبقَ من رجالها أحدٌ سالماً، ولإعادة إعمار ما تهدَّم من بيوت ومؤسساتٍ، وهذا النداء له شقَّان:
– الشقُّ الأول موجّهٌ إلى إخواننا وأبنائنا الموحِّدين الدروز في لبنانَ والعالَم، وإلى أصدقائنا الأوفياء من جميع الطوائف والمناطق والبلدان، ليشاركوا في حملة التبرُّع للصندوق الخيري في دار الطائفة في بيروت، بأيدٍ سخيّةٍ لا تعرفُ التمييزَ الطائفيَّ أو الحزبيَّ أو المناطقيّ، بل تعرفُ الواجبَ المُلقى على عاتق كلِّ معروفيٍّ أبيّ، وكلِّ إنسانٍ أخٍ وصديق، وكلّ وطنيٍّ وعربيٍّ وعالميّ يتمتّعُ بحسِّ الأخوّة الإنسانية، ويأبى ألَّا يُباليَ في مثل هذه اللحظةِ المأساوية من تاريخ شعبٍ مُصاب، وبلادٍ يكادُ يعمُّها الخراب.
-والشقُّ الثاني موجَّهٌ إلى الدول العربية والصديقة، وإلى المنظّمات الإنسانية وإلى الدولة السورية، لفكّ الحصار عن السويداء وفتح الممرات الإنسانية، ولتأمين مستلزمات الحياة ومعالجة الجرحى والمصابين، ولإعادة الإعمار والتعويض عمّا نُهبَ وسُرق، مع التنبُّه إلى وصول المساعدات إلى مستحقّيها في السويداء وقراها، إذ هي المنكوبة والمستهدَفة، وليس سواها، وللقيام بتحقيقٍ دقيقٍ وشفَّاف حول ما ارتُكب من مجازرَ، ولمحاسبة عادلة وحازمة للفاعلين والمُيسّرين والمحرّضين. ودراسةِ أبعاد ما حصل ودوافعه وارتباط تلك الأبعاد والدوافع بفلسفة الدولة ووجودها”.
وتابع :أيُّها الكرماءُ، أيّها الأوفياء، فليكن إيمانُكم قويَّاً وتبرُّعُكم سخيَّاً، ولتكن وِقفتُكم معَ أهلِنا في السويداء وِقفةً إنسانية، ننصرُهم بالموقف قبل نُصرتِهم بالمال، ونمدُّ لهم يدَ الدعم المعنويِّ قبل الماديّ، ولا نبخلُ عليهم بجزءٍ ممّا نملكُ، نحافظُ به على كلِّ ما نملكُ من كرامةٍ ومن أمنٍ اجتماعيٍّ وحضورٍ وطنيٍّ ووجود.
ليكنِ التبرُّعُ بالغاً يوازي الجرحَ البليغ، وليتمَّ بإحدى الطريقتين:
أولاً: التبرُّع نقداً، من خلال مكاتب المجلس المذهبي ومشيخة العقل، على الأرقام التالية:
ثانياً: التبرُّع (Fresh Dollar) عبر بنك (BBAC) على رقم الحساب التالي:
LB 28 0028 0000 0000 0032 9606 0070
أو عبر الـ (Whish Money) على الرقم التالي:+9613044401
علماً أن أسماء المتبرّعين ستُنشرُ على الموقع الإلكتروني لكلٍّ من مشيخة العقل والمجلس المذهبي، كما أنّ لجنة جمع التبرُّعات برئاسة شيخ العقل ستكون على تنسيقٍ دائمٍ مع المعنيين، وستدرسُ مع مجموعةٍ من المشايخ الأفاضل والأهالي الموثوقين والناشطين في السويداء نوعَ الحاجيات وكميّتِها، وستضع بالتالي خطةً واضحةً ودقيقة لطريقة تسليم المساعدات حيثما تستدعي الحاجة، راجين الله سبحانه وتعالى أن يرفعَ الظلم عن الجميع وأن تزالَ سريعاً هذه الغيمةُ السوداءُ من سماء السويداء الحبيبة وسوريا العزيزة، وأن يأخذ بأيدينا ويوفّقَنا في مسعانا الإنساني هذا انطلاقاً من حرصنا على السلم الأهلي، ووقوفنا سدّاً منيعاً بوجه الفتنة السنية الدرزية، أو بين الدروز والعشائر العربية الشقيقة، فالموحدون الدروز دعاة سلام لا خصام، وعلى الجميع احترام تاريخهم النضالي إذ إنهم كانوا دائماً سيف العروبة والإسلام، ومحذرين من المخططات الصهيونية والمؤامرات التفتينية”.
وقال :”وفي غمرة كلّ ذلك لا بدّ من توجيه التحية الى الزعيم وليد بك جنبلاط المتطلع دوماً الى المستقبل ببصيرة ثاقبة والمتكيّف مع الواقع والقادر على إقامة التوازن لحماية الطائفة والوطن، والسبّاق دائماً في الدعم الإنساني الى أبعد الحدود، خاتمين بقوله تعالى:} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ{، فعسى أن نكون من }الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ{. صدق اللهُ العظيم”