حزب #ايران… حين يتماهى الراتب الشهري والعمالة مع العقيدة

بقلم محمود شعيب – كاتب وناشط سياسي

في الزمن اللبناني الرديء، سقطت معظم الأقنعة، ولم يعد الخداع اللغوي قادراً على تغطية الحقيقة الساطعة: حزب ايران الذي ارتدى طويلاً عباءة “التحرير، هو اليوم التنظيم الوحيد في لبنان الذي جمع بين العمالتين لإيران وإسرائيل. حتى أصبح من اللازم بل من الطبيعي أن تُربط كلمة “عميل” بالحزب نفسه، لا بخصومه من اللبنانيين الشيعة المستقلين.

قد بلغ الانحطاط السياسي والأخلاقي مستوى لا سابقة له، حين صار الحزب يُخوِّن الشيعة الأحرار، فقط لأنهم يريدون دولةً لا دويلة، قانونًا لا سلاحًا قراره في ايران، سيادةً لا تبعية. أما هو، فيجاهر بتلقي الأوامر من طهران، ويجاهر بتعطيل البلد وتدمير قراها كلما تطلّبت المصلحة الإيرانية ذلك. هذا هو تعريف العمالة الصريح: أن تُقدّم مصلحة دولة أجنبية على مصلحة وطنك، وأن تُخضع قرارك السيادي لمن هم خارج حدودك.

لكن ما يُفاقم حجم الجريمة، هو أن هذه العمالة لإيران لا تقف عند حدود الانتماء السياسي أو العقائدي، بل تُنتج عمليًا خدمةً مجانية لإسرائيل نفسها. فمنذ احتكر الحزب قرار الحرب والسلم، باتت الحدود الجنوبية النموذج الأفضل للهدوء الإسرائيلي. ومنذ سيطر على القرار اللبناني، صار تفكيك الدولة، وتدمير الاقتصاد، وإضعاف الجيش، مصلحة استراتيجية تصبّ في قلب المشروع الإسرائيلي.

أي خدمة أضخم من تلك التي يُقدمها الحزب للعدو من حيث يدّعي مواجهته؟ أي اختراق أكبر من أن يُسقط لبنان في العزلة، ويُفقر شعبه، ويُشعل انقسامات طائفية داخلية باسم معركة “مقدسة”، لا يربح فيها أحد سوى إسرائيل؟ من يفكّك البلد أكثر: شيعي مستقل أو عميل راتب شهري و عقيدة؟ من يزرع الفتنة أكثر: جاسوس مخفي أم من يدير حسابات وهمية لجيوش الكرتونية لتخوين كل حرّ ووطني وشيعي غير تابع؟

بات الأمر جليًّا لكل من لم يعمِ قلبه التعصّب: الحزب لم يعد حركة مقاومة، بل مشروعًا مزدوج العمالة، نصفه في حضن إيران، ونصفه يخدم، بالنتيجة والتأثير، أجندة إسرائيل.

ومن هنا، فإن كل خطاب تخوين يصدر عن هذا الحزب بحق مناهضيه وخاصة الشيعة المستقلين، لم يعد يُقنع إلا أتباعه التافهين. لقد انقلب السحر على الساحر، وأصبحت التهمة التي طالما رفعها الحزب في وجه الآخرين، تليق به أكثر من غيره: هو العميل. هو الأداة. هو من أجهز على السيادة بيد، وعلى المقاومة الشريفة باليد الأخرى.

أما الشيعة الوطنيون، الذين يرفعون راية الدولة ويؤمنون بالمواطنة، فهم ليسوا عملاء، بل أحرار. هم الذين يُعادون إسرائيل بحق، لأنهم يريدون بناء وطن قوي، لا دويلة هشّة. هم من يواجهون المشروع الإيراني في لبنان لأنه يهدد ما تبقى من نسيج وطني. وهم من سيدفعون الثمن، كما دفعه من قبلهم كل مقاوم حقيقي وقف بوجه الاحتلال، أيًّا كان اسمه.

اليوم، لم تعد مواجهة الحزب ترفًا سياسيًا، بل ضرورة وطنية. ليس فقط لإنقاذ الشيعة من الأسر، بل لإنقاذ لبنان من السقوط النهائي. فحين تتحوّل “المقاومة” إلى أداة استعمار وإستحمار، وحين تتقاطع وظيفيًا مع المشروع الصهيوني، تصبح المقاومة الحقيقية هي مقاومة هذا الحزب بالذات.

اخترنا لك