وإنّي أنعى زياد بن عاصي بن فيروز

بقلم عقل العويط

وإنّي أنعى زياد بن عاصي، بن فيروز، وأنعى العبقريّة، والبيانو، والأوركسترا، والعود، وعودك رنّان، والعزف كلّه، وهدير البوسطة، والآلات الشرقيّة، والوتريّة، وآلات النفخ، والكمان، والناي، والبزق، والترومبون، والدفّ، والدرامز، والبلوز، والجاز، والدربكّة، والطبلة، والساكسوفون، وسائر المعنى، والمبنى، والشعر، والنثر، والجنون، والهذيان، وزهر البيلسان، والهجاء، والسخرية، والنقد، والنكتة، والقفشة، والعبث، والمرارة، والموهبة التي تجرح، والمسرح الذي يشاغب، وما ينزف في هذه اللحظة، وفي كلّ لحظة، وليس الصعق بأقلّ، ومفجعٌ أنْ يكون موتكَ هو الموضوع، هو النبأ، ولا يحتمل الروح وجعًا كهذا، ولا فقدًا كالفقد إيّاه، وليس الوقت هو الوقت المناسب، ويا حسرتي عليك يا زيادي!

وإنّي أنعى قلبي، وأنعى أنا مش كافر بس الجوع كافر، وسهريّة، ونزل السرور، وبالنسبة لبكرا شو، وفيلم أميركي طويل، وشي فاشل، وبخصوص الكرامة والشعب العنيد، وكيفك إنتَ ملَّا إنت، وبما إنّو، ومربى الدلال، والشعب، والجمهوريّة، والعصفوريّة، وإنطاكيا وسائر المشرق، ويجب أنْ يتوقّف الهراء كلّه، هذا الموت كلّه، وفورًا، وجميعه، ومن لبنان إلى فلسطين وسوريا، ويجب دقيقة صمت، بل دهر من الرهبة والصمت، ومن الصمت جميعه، والحداد، ولا يكفي القول، ولا يجوز أيّ شيء، أيّ نشاذ، ولا حتّى التأوّه، ولا النشيج، ولا العواء، ولا الهديل، ولا الجعير، ولا الزئير، وإنّي أطأطئ، وإنّي أذرف وقلبي.

وإنّي بالباب، على المصطبة، وأدقّ أدقّ بيديّ هاتين، وأناديكِ يا فيروز، فلا تتزعزي، لأنّ صوتًا عظيمًا في السماء يقول لكِ تقوّي، وروح الله وملائكته ينشدون له، لزياد، الأناشيد، ويطيرون به إلى الجنّة، والجنينة، والخلود.

وإنّي أخاطبكِ يا ساكن الأعالي، يا ساكن العالي، طلّ من العالي، عينك علينا، على أراضينا، رجِّع إخوتنا وأهالينا.

وعينك ع فيروز، يا ساكن العالي!

وغيابك فادحٌ، يا زياد، وعودك رنّان!

اخترنا لك