“يوم الأيقونتين” يغرق لبنان تعاطفاً عارماً…

النهار

أن يمضي اللبنانيون، متوافدين إلى كنيسة رقاد السيدة العذراء في المحيدثة بكفيا أو متسمرين أمام الشاشات، سبع ساعات موصولة في حضرة فيروز المكلومة الثكلى يرمقون حزنها المهيب الصامت، فهذه كانت آخر النهايات الخارقة أيضاً التي لم يشأ زياد الرحباني إلا أن يتوّج فيها يوم وداعه الأخير.

أمام هذا اليوم 28 تموز 2025 الذي شكّل محطة حزن هائلة في فقد ووداع زياد الرحباني، بدأ لبنان برمته غارقاً في تسونامي تعاطف غير مسبوقة إلا يوم وداع تاريخي أقيم للعبقري الكبير عاصي الرحباني نفسه ولو اختلفت مراسم الوداع أمس.

بذلك تحوّل يوم وداع زياد بحق إلى “يوم الأيقونتين” الوالدة المفجوعة والإبن الراحل عندما لم تشأ السيدة فيروز إلا أن تقوى على مصابها بحضور كامل طوال سبع ساعات في الكنيسة وصالون التعازي، ما شكّل حدثاً كبيراً بذاته ،وهي التي لم يشاهدها اللبنانيون وافتقدوا رؤيتها منذ سنوات طويلة، ولو أن أيقونتها الصوتية تعيش في يومياتهم ووجدانهم أكثر من أي حضور آسر آخر.

بدأ يوماً استثنائيا بكل المعايير يوم وداع زياد الرحباني والتأثر الجارف برؤية السيدة فيروز مجللة بحزنها الصامت. ولكأن لبنان كله، ولو لم توثق اللحظات على امتداد المناطق اللبنانية وحصرت ما بين الحمراء وانطلياس والمحيدثة، غرق في حدث تعاطف معه إلى حدود تتجاوز كل الانقسامات واليوميات والأزمات والملفات السياسية، خصوصاً وأن دورة العقم السياسي التي تجرجر البلاد ذيولها جعلت من الحدث الحزين يدوي أضعافاً مضاعفة في صفوف اللبنانيين قاطبة.

ولعل المفارقة المذهلة التي اكتشفت تمثّلت في أن جنازة زياد في كنيسة رقاد السيدة العذراء في بكفيا كانت في المكان نفسه الذي أقام فيه مسرحيته الأولى “سهرية” في ساحة الكنيسة في مثل يوم جنازته بالذات قبل 51 عاماً عام 1974، وذلك بعد عرضها عام 1973 في سينما أورلي في الحمرا في بيروت.

وقلّد رئيس مجلس الوزراء نواف سلام الذي حضر بصفته وممثلا رئيس الجمهورية جوزف عون، الراحل الكبير وسام الأرز الوطني من رتبة كومندور، تكريمًا لمسيرته الفنية والوطنية الفريدة.

وعبر الرئيس سلام عن عمق تأثره لفقد زياد، وقال: “قرّر السيّد رئيس الجمهورية العماد جوزف عون منح الفقيد الغالي وسام الأرز الوطني من رتبة كومندور، وقد كلّفني – فتشرّفت – أن أُسلّمه اليوم إلى العائلة الكريمة”.

كما ألقى راعي ابرشية جبل لبنان للروم الارثوذكس المطران سلوان موسى الذي رأس الصلاة كلمة عن زياد.

اخترنا لك