“حزب الله”… القاتل الذي تجاوز كل الحدود
كيف انقلبت قضية مقتل جندي اليونيفيل "شون روني" إلى "مهزلة قضائية"
بقلم بلال مهدي
قُتل الجندي الإيرلندي “شون روني”، أحد أفراد قوات حفظ السلام الدولية “اليونيفيل”، في كانون الأول 2022 في منطقة العاقبية جنوب لبنان، برصاص مباشر استهدف آليته العسكرية، ما أدى أيضاً إلى إصابة ثلاثة من رفاقه.
خطيبة الجندي القتيل، “هولي ماكونيلوغ”، كانت قد صرحت بأن روني كان يخطط للزواج بها صيف ذلك العام، وكان يعمل على توفير نفقات الزفاف أثناء خدمته في لبنان. حلمٌ قُتل معه، وقضيةٌ تحوّلت إلى إهانة للعدالة، ولذكرى الضحية.
الحادثة، التي أثارت حينها غضبًا دوليًا واسعًا، حملت بصمات واضحة، إذ وُجّه الاتهام مباشرة إلى مجموعة من عناصر “حزب اللّه”، على رأسهم محمد عيّاد، الذي اعتُبر المتهم الرئيسي.
لكن المأساة تحوّلت إلى مهزلة قضائية متكاملة الأركان. فعيّاد، الذي وُجهت إليه تهمة القتل العمد، أُخلي سبيله في تشرين الثاني 2023 بذريعة “أسباب صحية”، ومنذ ذلك الوقت لم يحضر أيّ جلسة من جلسات المحاكمة، ليُحاكم غيابيًا ويُحكم عليه بالإعدام، دون أن تُنفّذ السلطات أيّ إجراء جدي للقبض عليه، رغم المعلومات الأمنية التي تؤكد أنه موجود تحت حماية “حزب اللّه”.
الفضيحة لا تنتهي هنا. فالمتهمون الأربعة الآخرون سلّموا أنفسهم عشية إحدى الجلسات، فاستجوبتهم المحكمة وأصدرت بحقّهم أحكامًا مخفّفة بشكل يثير الريبة “سجن لبضعة أسابيع أو أشهر، وغرامات مالية زهيدة، فيما نال أحدهم البراءة التامة” !
أما المحكمة العسكرية، التي يُفترض بها أن تكون حصن العدالة، فقد تحوّلت، مرةً تلو الأخرى، إلى أداةٍ بيد محورٍ لا يعترف لا بسيادةٍ ولا بقانون.
هي محكمةٌ لا تُنصف، بل تخضع لإملاءات موازين القوى، وتُستخدم لقمع المعارضين وإخماد الأصوات الحرة، بدلًا من أن تكون منبرًا لتحقيق العدالة وصون الحقوق.
ووسط هذه المهزلة، لا يزال “الحاكم العسكري” المحسوب على “الثنائي الشيعي” يمارس سلطته في الاتجاه المعاكس، فيستدعي المغردين والصحافيين بل وحتى اللبنانيين المنتشرين في الخارج، فقط لأنهم عبروا عن رأي أو شاركوا في نقاش افتراضي، في مخالفة صريحة للدستور والقوانين المدنية.
فإلى متى ستبقى المحكمة العسكرية تحكم باسم “المحور”، لا باسم الشعب اللبناني؟
ألم يحن الوقت لإقفالها نهائيًا، وإحالة من تعاقبوا على رئاستها إلى المحاسبة والمحاكمة، تمامًا كما تُحاسب الأنظمة القمعية حين تنهار؟