نبيه بونابرت برّي… الأول والثاني والثالث عشر

بقلم د. علي خليفة

مثل نابليون الأول، تجد نبيه برّي الأول. رافعًا لواء جماعته وسرديّتها. تسمعه وتقرأه مخلصًا بالظّن لما يقول ويعلن. ثم يعبر على جسر الدهاء من صفوف الجماهير إلى مقاليد السلطة وينصّب نفسه بنفسه إمبراطورًا. ويرغم جماعته على الالتحاق بقراراته، مهما اختلفت عن تاريخهم وماضي نضالهم.

أصبح داخل حركة “أمل” حركات لكلّ منها نابليون تاجرُ أمل. هذه الحركة وديعة “حزب الله” داخل حركة “أمل” تظنّ أن نبيه برّي سيبقى الأخ الأكبر. وهذه حركة داخل الحركة ما برحت تعيش على صدى تسجيل صوت نبيه بري وهو يتّهم “حزب الله” بقتل مقاومين أكثر ممّا قتلت إسرائيل. وتلك حركة داخل حركة “أمل” تراهن على أمر لا يعرف أمره إلا النبيه وكفى بالإخوان شرّ الإشهار. وثمة في حركة “أمل” حركة لمن يظنّ أنّه نابوليون الثاني، ونابليون الثالث… بينما نبيه بونابرت برّي يختزل بشخصه نابليون الأول والثاني والثالث… وربما الثالث عشر وجميعهم أقانيم متعدّدة في شخصه الأوحد.

تفاجأ نبيه برّي بحملة “طلعة ريحتكم”، فأوهم الجميع أنه أول من وضع يده ليسدّ أنفه. وفي عزّ حمأة إسقاط النظام الطائفي، بدا نبيه برّي أنّه أكثر علمانية من أشدّ العلمانيين وطيسًا… وهو، منذ استوى على إمبراطورية المجلس، باع الطائفيين من كيسهم واللاطائفيين من كيسهم. وتذرّع مرة بالقول حرفيًّا: إن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى هو من يعترض على إلغاء الطائفية نظرًا للمكتسبات التي حقّقها الشيعة في ظلّ المحاصصة الطائفية القائمة. وفي النظام السياسي اللبناني، الديمقراطي البرلماني، هيئة مكتب المجلس تعمل في ظلّ نبيه بونابرت برّي بالفرمانات لا بالقانون. والجلسات العامة خطوط همايونية لا يفكّ أحد شيفراتها إلّاه – ولا حتى إلا الله.

تساورك شتى الشكوك المتضاربة في حضرة نبيه بري، وهو آخذٌ جماعته معه، بين مصدّق وغافل ومشكّك وممتعض ومعتصم بحبل أمل رفيع أن يكسر نبيه بري الوثاق الذي يربطه بـ “حزب الله” في ظرف ما لا يعرف سرّه إلا هو وتوقيت مناسب قد لا يحين أبدًا. أتحدّى نبيه برّي ولا أتحدّى من لا يريد تصديق الرهان عليه بأنه مخلّص الطائفة الشيعية من نكبتها بـ “حزب الله”، في ظلّ انشغال بعض المعارضين الشيعة بالتزعّم وبالمنافع الضيّقة واستعصاء التنظيم. ويبقى يقين واحد أن نبيه بونابرت برّي يخطو لا محالة خطواته الأخيرة نحو واترلو، وستنجلي المعركة… بسقوطهما معًا، بالتضامن والتكافل: إمبراطورية نبيه برّي وولاية فقيه “حزب الله”…

اخترنا لك