بقلم عقل العَويط
الثلثاء الرابع من آب الساعة السادسة وسبع دقائق.
كنتِ تتنفّسين ببطء،
وتموتين ببطء.
يُطلِق الأطبّاءُ
على تلكَ اللحظاتِ
تسميةَ الحشرجات.
يقصدونَ أوقاتًا ساكتةً
لا تُعتَبَرُ بعضًا من حياةٍ،
ولا هي الموت.
يسمّيها المؤمنونَ
طريقًا
يُمهّدُ سُبُلَ العبورِ إلى ضفّةٍ أخرى.
كنتُ دائمًا كثيرَ الشكوكِ
حيالَ وعودِ الضفّةِ الأخرى.
أهيَ ضفّةٌ
هذه التي نقيم فوقَها هنا
نحن الأحياء؟
أهيَ حقًّا
ضفّةٌ أخرى
تلك التي ينتقل إليها الكائنُ
بعد تسليم الأنفاس؟
وجودُ ضفّتَين،
أَلَا يفترضُ وجودَ نهرٍ بينهما؟
والنهرُ هذا،
ما هو هذا النهرُ؟
لا أملكُ موهبةَ التفريقِ بين الضفّتَين
إلّا بالقياسِ
إلى سوابقِ الانتقالِ البطيء.
كيف أصفُكِ
يا بيروتُ
قبل الساعةِ السادسةِ وسبعِ دقائق.
كيف أصفُكِ
بعد الساعةِ السادسةِ وسبعِ دقائق.
كلّ ما في الأمر،
أنّي كنتُ ميتًا،
فكيف لميتٍ أنْ يصف؟!
لم أُجِدْ يومًا
السباحةَ
في ضفّةِ الحياةِ التي هنا،
من أجلِ عيشِ هذه الحياة،
كما ينبغي للمرء السعيد أنْ يعيش.
فكيف أصِفُ مشهدًا
إذا كنتُ غريقًا فيه،
ولم أكنْ أرى؟
وكيف أكتبُ،
وبماذا أكتبُ،
إذا كان العدمُ الذكيُّ
قد دَلَقَ حبرَ المكانِ كلَّهُ،
وما عاد هناكَ ورقٌ
ولا سكّينٌ
للحفرِ عليه،
وانهارتْ شاشةُ الحاسوبِ
المتأهّبةُ عادةً للكتابة؟!
لستُ شاهدًا لكنّي أروي.
فلأروِ إذًا،
كما لو كنتُ قد رأيتُ.
فلأروِ كما لو كنتُ أرى.