مرفأ بيروت : لم يفجّره أحد

كتب د. علي خليفة

#بوابة_بيروت تنشر #مشروع_ذاكرة، رغم مرور خمس سنوات على جريمة تفجير مرفأ بيروت في #٤_آب ٢٠٢٠

نيترات حيفا

شباط 2016. حزب الله يحيي الذكرى السنوية للقادة الشهداء. الأمين العام السابق حسن نصرالله متحدّثًا بالمناسبة: “بعض الصواريخ من عندنا، بالإضافة إلى حاويات الأمونيوم في ميناء حيفا، نتيجتها نتيجة قنبلة نووية… بمنطقة يسكنها 800 ألف نسمة يُقتل منهم عشرات الآلاف”. انتهى الاقتباس.

طبعًا أجزل حسن نصرالله وجمهوره توهّم القوة ومزاعم الردع… ونامت عيون الممانعة عن ثعالبها… فالحزب يقدر وأمينه العام السابق يعلم؛ ولكن هل يفعل؟

نيترات بيروت

مع علمه المسبق بخطورة تخزين مادة نيترات الأمونيوم، وإدانته من لسان أمينه العام السابق، الحقيقة المثبتة اليوم أفضت إلى وجود أطنان منها في مرفأ بيروت وراحت تتناقص تباعًا. ما أعلن عنه حسن نصرالله للإسرائيليين عن القوة التفجيرية للنيترات هو ما كان يختبره فوق رؤوس السوريين المنتفضين بوجه نظامهم الذي كان يمطر شعبه بالبراميل المتفجرة المملوءة من نيترات مرفأ بيروت. استخدم حزب الله مرفأ بيروت ككقاعدة تخزين عسكرية للنيترات، المواد المتفجرة المتيسّرة غبّ طلب نظام الأسد ليواجه شعبه المتدفق غضبًا. ثمن زهيد للموت الطويل الأمد. على عين شبه الدولة وأشباه وزراء النقل والمال. والحقيقة أن حزب الله أيضًا استطاب تمرير الأسلحة عبر مرفأ بيروت وتخزينها ريثما يتم نقلها…

سيناريو حسن نصرالله لمرفأ حيفا تنفّذه إسرائيل في مرفأ بيروت

أكثر من مرة، طالت ضربات إسرائيل مخازن أسلحة لحزب الله داخل لبنان وخارجه على طرقات الإمداد. 4 آب 2020، استهدفت إسرائيل مخزن أسلحة حزب الله في مرفأ بيروت. فامتدّ الحريق خلال لحظات إلى عنبر تخزين النيترات الملاصق بعدما فشلت جهود إطفاء الحريق أو حصره. بين استهداف مخزن الأسلحة وانفجار أكياس النيترات، تبخّرت جثث رجال الإطفاء ونسائه، خطّ الرئيس ترامب تغريدة ومحاها، ذُهلت إسرائيل بالنتيجة، نظر حسن نصرالله إلى مرفأ بيروت فيراه يحترق بدلاً من مرفأ حيفا… وأكثر، أصبحنا على بيروتشيما بالفعل، تشبيهًا لما جرى لمدينة هيروشيما جراء الانفجار النووي.

حقيقة وعدالة

هذه هي الحقيقة الكاملة. طبعًا أنكرها الأمين العام السابق حسن نصرالله فدعا منذ اليوم الأول إلى اعتبار التفجير حادثًا وصرف مستحقات تأمين، كأن الانفجار قضاء وقدر. وعلى هديه سار أشباه المسؤولين اللبنانيين، إلا المحقّقين العدليين فادي صوان وطارق البيطار. تمّ قبع الأول وتهديد الثاني بالقبع ولكنه استمرّ. الحقيقة الكاملة صعبة التظهير. تبرّع نبيه برّي معرقلاً استجواب الوزراء – وبينهم وزرائه الذين حماهم وهم متّهمون ومطلوبون للعدالة. رفض رفع الحصانات وتلطّى تحت شمّاعة المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. وأكثر… أخذ الثنائي أمل وحزب الله البلاد إلى حافة حرب أهلية في موقعة الطيونة محولين مظاهرة احتجاجًا على القاضي طارق البيطار إلى بروفا مناوشات مصغرة ورسائل ابتزاز بالفتنة.

من سيظهّر الحقيقة، كل الحقيقة ولا شيء سوى الحقيقة؟ التحقيق العدلي؟ كلا. الحقيقة أفظع ولا يمكن تظهيرها إلى حين بلوغ القدرة على إقامة العدالة. سقوط دولة حزب الله، خطوة نحو الحقيقة والعدالة. سقوط امبراطورية نبيه بري خطوة نحو الحقيقة والعدالة. وحتى ذلك الوقت، مرفأ بيروت: لم يفجّره أحد.

اخترنا لك