لبنان بين فخ الطائفية وحلم الوطن الواحد : هل بقي للنجاة سبيل؟

بقلم خلود وتار قاسم

بعد بحثٍ طويلٍ وتدقيقٍ عميق، لم نعد بحاجة لبرهان جديد: لعبة لبنان الأزلية هي الطائفية.

ومن تسوّله نفسه أن يلعب دور “دولة المواطنة”، أو أن يرفع شعارات “الوطن للجميع”، و”العيش المشترك”، و”نحن شعب واحد”، فليُهيّئ نفسه لخياريْن لا ثالث لهما: الهجرة أو الموت.

ليس لأنه اختار، بل لأن هذه هي قوانين اللعبة اللبنانية… لعبة القهر المقونن، والموت المؤجل.

هذه ليست نبرة تشاؤم، ولا نغمة استسلام… إنها الحقيقة التي باتت تُمارَس بلا خجل، ويلعبها الجميع: سلطةً وشعباً، خارجاً وداخلاً.

فمن حلم بدولة القانون، وخاض المعارك دفاعاً عن الوطن الواحد، خرج مكسور الخاطر أو محمولاً على النعش.

ومن آمن حتى الرمق الأخير، دفع حياته ثمناً، وذُبح في وضح النهار.

فماذا نختار؟
ننافق ونقول “لبنان للجميع”؟
بينما من يرددون هذا الشعار، هم أنفسهم من يعملون ليل نهار لتقسيمه وتفتيته، وتقاسم الحصص في الظل وتحت الطاولة؟

أم ندافع عن طائفتنا، ونحتمي بخنادق المذهب، ونطالب بحقوقها في الإدارة والمناصب والمناقصات، لنصبح أدوات في مشروع تدمير الوطن وتجويع الناس وسحق كراماتهم؟

أي مواجهة نحتاج؟
كيف نوقف هذه الموجة التي تجرف البلد نحو التقسيم؟
هل وصل بهم الحدّ لتقسيم بيروت من على جسر الرينغ؟
وماذا عن العائلات المختلطة؟ أين ستُصنّف؟ إلى أي ضفة ستنتمي؟
وهل سنقبل بأن تُختزل الهويات، وتُفرَض الحدود، ويُجزَّأ ما تبقى من وطن؟

لماذا نرفض دائماً النقاش البنّاء، ونختار الغريزة بدل العقل، والانتقام بدل الإصلاح؟
لماذا ندور في حلقة كيدية جهنمية، ندمّر فيها أنفسنا قبل غيرنا؟

لبنان، على كبر وجعه، لا يزال نقطة على خارطة المصالح الإقليمية والدولية.
لكن ما لا يدركه كثيرون هو أن التقسيم لن يُنتج أوطاناً صغيرة بل جزر جائعة ومعزولة، لا موارد فيها، ولا قدرة لها على الصمود.
فمن أين ستتغذى هذه الكيانات الوهمية؟
كيف ستؤمّن كهرباء ومياه وغذاء ودواء؟
كيف ستحمي نفسها من أطماع الخارج وغلّ الداخل؟

إنه زمن الفوضى والضياع والخطر الحقيقي…
زمن تتساقط فيه الأقنعة، ويظهر فيه من لا يهمه الوطن، بل فقط خلاصه الفردي.

لكن، هل يجوز أن نستسلم؟
هل نقبل أن نترك هذا البلد الذي دفعنا فيه دمنا وحلمنا وماضينا، يُسلب منا قطعة قطعة؟
أين نحن من كلمة “وطن”؟
هل لا تزال تعني لنا شيئاً؟

لبنان على شفير هاوية…
فإمّا أن ننهض جميعاً ونُعلِن العصيان على الطائفية،
أو نستعد لوداع طويل لا وطن بعده.

اخترنا لك