بيان وزير خارجية إيران : تدخل سافر يفرض على لبنان استدعاء السفير الإيراني فورًا

بقلم بلال مهدي

لم يكن بيان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مجرّد رأي عابر في شأن داخلي لبناني، بل يُعدّ تدخّلًا فجًّا وسافرًا في سيادة دولة تُعاني أصلًا من اختناق سياسي وأمني ناجم عن تفلّت السلاح، وهيمنة تنظيمات خارجة عن الشرعية، تتلقى دعمًا علنيًا من دول أجنبية، وعلى رأسها الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

أن يخرج وزير خارجية دولة أجنبية ليُعلن بوقاحة أن خطة الحكومة اللبنانية لنزع سلاح “حزب الله” ستفشل، ويصف سلاح هذا الحزب بـ”الفعّال”، ويشيد بجهوزيته واستعداده للميدان العسكري، فإن هذا لا يُعد فقط استهانة بقرار الدولة اللبنانية، بل تحريضًا مباشرًا على تهديد السلم الأهلي، وتشجيعًا على تقويض أي مشروع سياديّ تحاول الحكومة القيام به لإعادة بناء مؤسسات الدولة.

إيران، التي لم تنفك تُعلن دعمها الكامل لـ”حزب الله”، تُثبت مجددًا أن تدخلها في الشأن اللبناني ليس نظريًا، بل فعلي، وهي تمارس عبر أذرعها العسكرية دور الدولة داخل الدولة، وتضع فيتو علنيًا على أي قرار لبناني لا يُرضي مصالحها الإقليمية، متجاهلة تمامًا مصلحة الشعب اللبناني الذي يدفع يوميًا ثمن هذا السلاح غير الشرعي من دمه واستقراره واقتصاده.

إنّ ما ورد على لسان عراقجي يمثل تعديًا فاضحًا على سيادة لبنان، وتأكيدًا على أن السفير الإيراني في بيروت لم يعد يمثّل شريكًا دبلوماسيًا يحترم قواعد العلاقات الدولية، بل بات ناطقًا باسم طرف سياسي مسلّح، يشجعه على رفض قرارات الدولة اللبنانية.

من هنا، فإن الحكومة اللبنانية مُطالَبة اليوم، لا بل مُجبرة، باتخاذ موقف حاسم وواضح، يبدأ باستدعاء السفير الإيراني فورًا، وتبليغه احتجاجًا رسميًا على هذا التدخل غير المقبول، ويُستكمل بطلب مغادرته الأراضي اللبنانية في حال تكرار هذه التصريحات أو رفض الاعتذار عنها.

لبنان لم يعُد يحتمل المزيد من العبث بسيادته، ولم يعد مقبولًا أن يبقى رهينة إرادة خارجية تعرقل بناء الدولة، وتحمي منطق السلاح المنفلت، وترفع الغطاء عن مشاريع عسكرية تتجاوز إرادة الشعب اللبناني ومؤسساته الشرعية.

السيادة ليست شعارًا يُرفع في خطابات المناسبات، بل قرارٌ يُمارس، وموقفٌ يجب أن يُتّخذ بلا تردد. والسكوت عن هذا البيان الإيراني يعني الاستسلام التام لمنطق الدويلة، والتخلي الطوعي عن حق اللبنانيين بوطن يحكمه القانون، لا ميليشيا مدعومة من الخارج.

فإلى متى ستبقى الدولة اللبنانية متقاعسة عن الدفاع عن نفسها؟

وهل يُعقل أن تُتهم أي جهة لبنانية بالمؤامرة لمجرّد مطالبتها بإخراج النفوذ الإيراني من البلاد، بينما يُسمح لوزير خارجية إيران بأن يُطلق مواقف تعبّر عن حالة احتلال سياسي وعسكري حقيقية؟

الكرة الآن في ملعب الدولة اللبنانية… فإما أن تتحرك، أو تعترف رسميًا أنها أصبحت دولة خاضعة لوصاية إيران.

اخترنا لك