من يوقف “#حزب_الله” وأذرعه في حارة #صيدا؟

بقلم بلال مهدي
@BilalMahdiii

داخل بلدٍ يُفترض أنه يحتكم إلى دستور وقوانين ومؤسسات أمنية وقضائية، تحوّلت حارة صيدا إلى مسرحٍ فاضح لبلطجة منظمة، عنوانها الترهيب والترويع، وضحيتها هذه المرة الإعلامية نانسي اللقيس، التي تُدفع يومًا بعد يوم إلى حافة الموت، فقط لأنها تجرأت على رفع صوتها في وجه سطوة السلاح ووقاحة التسلط.

نانسي، التي لم تحمل سلاحًا يومًا، بل حملت الكلمة، تُواجه اليوم حربًا أمنية ونفسية واقتصادية وجسدية، يقودها تحالف قذر بين من يدّعون السلطة المحلية، وبين من يحتكرون “الشرعية الثورية” داخل مربعات أمنية خارجة عن القانون، بدعم من “حزب الله”. وفي ظل هذا التحالف، تتحوّل الأجهزة الأمنية، التي يُفترض بها حماية المواطنين، إلى مجرد متفرّجٍ عاجز… أو متواطئ بصمتٍ معيب.

فجر اليوم الخميس، تم إحراق سيارة نانسي اللقيس أمام منزلها، في مشهدٍ يوصل رسالةً واضحة: “اصمتي أو نحرقكِ حيّة”. قبل أيام، أُطلقت النار عليها مباشرة، فاختبأت، لا حماية من الدولة، بل خوفًا من عصابةٍ تتربص بها في كل زقاق.

اللقيس ليست مجرّد صحافية، بل رمز لمواجهة العصابات التي تتلطّى خلف شعارات المقاومة، بينما تمارس القمع والترهيب على أبناء شعبها. هي لا تملك ميليشيا، ولا غطاءً سياسيًا، بل تملك ضميرًا وإيمانًا بالدولة – تلك الدولة التي تُسحق أمام عينيها دون أن تحرّك ساكنًا.

وفي مشهدٍ يعيد إلى الأذهان أبشع صور الفلتان الميليشيوي، تداول ناشطون فيديو يُظهر ابن رئيس بلدية حارة صيدا وهو يوجه تهديدًا مباشرًا وصريحًا للصحافية نانسي اللقيس، دون أن يتم استدعاؤه أو محاسبته، لتأتي بعدها بساعات جريمة إحراق سيارتها، وكأن الأمور تُدار بغرف عمليات مُنسقة وبتخطيط مسبق، بإشراف سياسي-ميليشيوي بامتياز.

أمام كل هذا، نسأل:
أين القوى الأمنية؟ هل هي عاجزة أم خاضعة؟
أين النيابة العامة؟ هل تنتظر وقوع جريمة قتل لتتحرك؟
أين وزارة الداخلية؟ هل فقدت سيادتها أمام بلدية تابعة لحزب مسلح؟

ما يحدث في حارة صيدا ليس حادثًا معزولًا، بل نموذج صريح لدولة تُختطف، وصحافة تُكمم، ومجتمع يُرهب. إنه مشهد اختناق الدولة تحت أقدام الميليشيا التي نصّبت نفسها حكمًا وجلادًا فوق الجميع، وهي لا تكتفي بإسكات الصوت المعارض، بل تسعى إلى سحقه.

إنّ استمرار هذه الاعتداءات، في ظل صمت رسمي وتخاذل قضائي، يعني أن من يُهاجمون نانسي اليوم، قد يُهاجمون أيّ صحافي أو ناشط غدًا. إنها رسالة تهديد لكل حرّ في هذا البلد “الصمت أو الموت”.

نقولها بصراحة، سكوت الدولة هو مشاركة بالجريمة. وتخاذل الأجهزة الأمنية هو خيانة للقسم. واستمرار “حزب الله” في تنظيم عصابات مناطقية يمثّل تهديدًا وجوديًا لما تبقّى من كيان اسمه لبنان.

لقد آن الأوان أن يتحمّل المعنيون مسؤولياتهم. فإما أن تُحسم هذه المعركة لصالح الدولة، أو نعلن رسميًا أننا نعيش في ظل دويلة خارجة عن الشرعية، تديرها قوى البلطجة والسلاح.

لأجل نانسي، ولكل من يشبهها، نقول: لن نصمت. ولن نُحرق. وسنواجه، حتى آخر نفس.

اخترنا لك