من نيترات المرفأ إلى ودائع الناس : جريمة واحدة بوجوه عديدة

كتبت النقيب جينا الشماس

‎#بوابة_بيروت تنشر ‎#مشروع_ذاكرة، رغم مرور خمس سنوات على جريمة تفجير مرفأ بيروت في ‎#٤_آب ٢٠٢٠

بعد خمس سنوات من تفجير لبنان، لم تعد الجريمة غامضة. وليست وحدها جريمة العصر بل انه عصر الجرائم في لبنان.

لم تبدأ الجريمة في 4 آب 2020، بل تراكمت عناصر الجريمة، خطوة خطوة منذ انتهاء الحرب في أوائل التسعينات وتسلّم مجرمي الحرب السلطة بمباركة من الغرب والعرب.

لبنان الشمس الساطعة والسحر الجاذب للمغتربين والأجانب تم استغلاله واستخدامه للصفقات والمشاريع الخاصة وتغذية النفوذ المحلية والدولية على حساب سيادة القانون وإضعاف الحوكمة بمخالفات دستورية هدفت الى تغيير الدستور بالممارسة. استغلوا السلطة وأدخلوا المحاصصة المذهبية على حساب الكفاءة، كما وظّفوا المشاركة الحزبية على حساب الموضوعية والنزاهة.

واغتصبوا إجراءات الرقابة الداخلية وأثقلوا كاهل الإدارة بتدخل السياسة فأعاقوا تطبيق القوانين باستغلال الثغرات أينما وجدت لإدخال الفساد ولو من ثقب الإبرة. وخدّروا جزء من القضاء، وابتزوا الجزء الآخر، ومنهم من ناضل ليبقى القضاء وتكون الكلمة الفصل للعدالة كي يعيش الأمل بالغد. موظفون صالحون حاربوا من أجل الدولة. آخرون اغتنوا!

لماذا توجّهت السفينة الى الشاطئ اللبناني وكيف استُقبلت في مرفأ بيروت؟ من خُزّن النيترات في هنجار رقم ١٢؟ لماذا مرّت السنوات وبيروت في خطر، والبيروتي ضحية مصالح الأخرين؟ لماذا لم يقتل ولا نائب بيروتي ولا قريب أو حبيب له في انفجار بيروت؟ لماذا لم يدمر بيت أي سياسي أو صاحب نفوذ؟

وماذا عن القطاع الذي سرق الأضواء على عقود؟ لماذا خرجت أموال النافذين واحتجزت أموال المودعين العاديين؟ من يدفع ثمن تجميد القضاء وإبادة العدالة في بلدنا؟ كيف يمكن لقضاة النزاهة أن يحظوا بالمناصب التي تليق بهم قبل أن يحين وقت تقاعدهم؟

ألا تكفي هاتين الكارثتين لنعلم أن العدو الداخلي متفق بالسر ومختلف بالعلن ضد مصلحة الوطن والمواطنين، ويسعى ليبقى الشعب بعيداً عن الاتحاد؟ وماذا لو كانت أهداف معظم أبناء الشعب عابرة للطوائف والمذاهب والأحزاب متطابقة؟ هل ينجحوا بتحصين لبنان؟

احذروا التقليد والكذب والخداع وارفضوا جميع الأحزاب الذين لم يتمكنوا من احراز أي جديد لا بمساءلة من تسبب بمحاولة اغتيال بيروت والمودعين والاقتصاد والاستقلال، ولم يحفروا أي أساس بنيوي لمستقبل فيه الوقاية من أي انفجار أو انهيار أو فساد في الماضي ولا في المستقبل.

فشلوا، وكل ما يقولونه يصب في خانة الدعاية الانتخابية للانتخابات المقبلة، للقبض على السلطة، ومن جديد على حساب الوطن وحياة الشهداء!

بحزن عميق على حياتنا، أولادنا، شبابنا، وأهلنا، نطلب الرحمة للشهداء والشفاء الجسدي والنفسي للشعب والتعافي والأمان للبنان.

اخترنا لك