من مدريد إلى طهران : أدلة جديدة على عمليات الاغتيال المدعومة من ايران
نظام الملالي يتعمد الإرهاب وتدمير الداخل في مواجهة ضغوط دولية متصاعدة
تشير الأحداث الأخيرة التي برزت في العاصمة الأمريكية واشنطن إلى عمق الأزمة التي يعاني منها النظام الإيراني، حيث ألقت المقاومة الإيرانية، وعلى رأسها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، الضوء على شبكة الإرهاب المنظمة التي ترعاها طهران داخليًا وخارجيًا، والتي تعدّ أداة رئيسية للحفاظ على السلطة وسط تزايد الغضب الشعبي والضغوط الدولية.
في 16 مرداد 1404، قدم المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كشفًا مفصلاً عن عمليات إرهابية متعددة تنفذها أجهزة مخابرات النظام الإيرانية عبر شبكة دولية واسعة تشمل مجموعات جنائية وأذرع عسكرية، موجهة في المقام الأول ضد المعارضة وخاصة أعضاء منظمة مجاهدي خلق التي تمثل العمود الفقري للمقاومة.
الواقع المؤلم يتمثل في إعدام النظام مؤخراً لمجموعة من أفراده المعارضين، من بينهم مهدی حسنی وبهروز احسانی اسلاملو، الذين اتهموا بالمشاركة في تصنيع أسلحة يدوية لاستهداف المنشآت الحيوية، والتي كانت ذريعة للنظام لقمع الأصوات المعارضة بشكل ممنهج. هذا القمع الدموي يؤكد استمرار النظام في نهج العنف والاضطهاد الذي لا يعترف بحقوق الإنسان ولا بقوانين العدالة العالمية.
على الصعيد الدولي، شهدت العاصمة الإسبانية مدريد في 2024 محاولة اغتيال فاشلة استهدفت السياسي والناشط الإسباني أليخو فيدال كوادراس، وهي محاولة كشفها المجتمع الدولي كجزء من حملة إرهابية مدعومة من طهران لتصفية المعارضين خارج البلاد. وأكدت وكالات الاستخبارات الأوروبية، بما في ذلك Säpo السويدية وFBI الأمريكية، أن هذا الهجوم يتوافق مع أنماط الإرهاب الحكومي الإيراني الذي يستخدم التنظيمات الإجرامية كذراع تنفيذية.
وقد تم توجيه الاتهامات إلى مسؤولين كبار في وزارة الاستخبارات الإيرانية مثل یحیى حمیدی وحسین صفدری بالتورط المباشر في هذه العمليات، مما يعكس درجة الارتباط المباشر بين القيادة السياسية الإيرانية والأعمال الإرهابية المنظمة على المستويين الداخلي والخارجي.
في ظل هذه الأحداث، ركز نائب مدير المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في واشنطن، علی رضا جعفر زاده، على محورية الأزمة الاقتصادية التي يعانيها الشعب الإيراني، مشيرًا إلى أن النظام يمتلك ثاني أكبر احتياطي عالمي من النفط والغاز، ومع ذلك يعيش نحو 80% من الشعب تحت خط الفقر. وقد أكد أن هذه الموارد الضخمة تُستنزف لدعم برامج التسلح النووي والتوسع العسكري والعمليات القمعية، وليس لتحسين مستوى حياة المواطنين أو تعزيز التنمية.
وتزامناً مع هذه المعطيات، يواجه النظام ضغطًا دوليًا متزايدًا لتمديد العقوبات الدولية المفروضة على البرنامج النووي الإيراني، والتي تنتهي بتاريخ 26 مهر 1404 (18 أكتوبر 2025)، حيث يطالب المجتمع الدولي بعدم رفع العقوبات لمنع تعزيز قدرات النظام على المزيد من الانتهاكات، كما يدعو إلى فرض قيود أشد تستهدف القادة الرئيسيين، وعلى رأسهم المرشد الأعلى علي خامنئي، باعتباره المسؤول الرئيسي عن سياسات الإرهاب والقمع.
هذه التحولات تعكس هشاشة متزايدة في النظام على المستويين السياسي والاقتصادي، وسط ازدياد الاحتجاجات الشعبية التي شهدت تصعيدًا منذ عام 2018، حيث تتكرر الموجات الثورية والمقاومة في مواجهة قمع النظام الدموي، كما تتجلى أهمية الدور الأساس لمنظمة مجاهدي خلق التي تصر على الاستمرار في كفاحها من أجل تغيير النظام ووضع نظام ديمقراطي يعزز حقوق الإنسان ويحترم الحريات.
بالنظر إلى هذه المعطيات، فإن المؤتمر الذي عقده المجلس الوطني للمقاومة في واشنطن لم يكن مجرد كشف إعلامي بل نداء عاجل للمجتمع الدولي لاتخاذ خطوات عملية وفعالة لتعزيز الضغوط على طهران، تشمل فرض المزيد من العقوبات، مراقبة وملاحقة مسؤولي النظام المتورطين في الإرهاب، ودعم المقاومة الداخلية التي تعمل على إنهاء حكم الملالي الدموي.
هذه الصور الجديدة التي ينشرها المجلس عن تورط النظام في الإرهاب والاستخبارات القمعية الداخلية والخارجية تمثل معيارًا يكشف تفشي حالة الفساد والهشاشة وانعدام الشرعية بين أروقة النظام. فبينما يحاول المجلس تحقيق صياغة وطنية للإطاحة بالنظام عبر برنامج سياسي قائم على المساواة، الحرية، وفصل الدين عن الدولة، يضل النظام الإيراني يستمر في تعميق أزماته عبر الترهيب والإرهاب، محاولًا في الوقت ذاته استنزاف موارد البلاد وإجهاض أي أمل في التغيير.
في الخلاصة، فإن الوقائع المستندة إلى كشف المقاومة في واشنطن تظهر أن النظام الإيراني ليس فقط محطة للاضطهاد الداخلي والترهيب، وإنما يشكل أيضًا تهديدًا داهماً للأمن الدولي عبر سياساته الإرهابية الخارجة، وهو ما يحتم على المجتمع الدولي التعاون وتكثيف الضغوط حتى يسقط هذا النظام ويحل مكانه نظام ديمقراطي يحترم حقوق الشعب الإيراني وقواعد المجتمع الدولي.