رصد بوابة بيروت
في توقيت بالغ الحساسية، وبينما يتسلّم الجيش اللبناني مهمة إعداد خطة لحصر السلاح غير الشرعي وضبطه، جاء انفجار مخزن الأسلحة في وادي زبقين – مجدل زون، ليشكّل ضربة موجعة للمؤسسة العسكرية، بعدما ارتوت أرض الجنوب بدماء ستة من جنودها الأبطال. هؤلاء كانوا ينفّذون مهمة تفكيك محتويات المخزن حين دوّى الانفجار، في حادثة أثارت تساؤلات واسعة حول طبيعة المكان ومصدر السلاح المخزّن فيه.
التحقيقات التي يجريها الجيش لا تزال مفتوحة على كل الاحتمالات، لكن المؤكد أنّ هذه الفاجعة وضعت المؤسسة العسكرية أمام اختبار جديد في معركتها الصعبة مع ظاهرة انتشار السلاح خارج سلطة الدولة، وهو الملف الذي يشكّل جوهر التجاذبات السياسية والأمنية منذ سنوات.
المواقف السياسية والرسمية، على اختلاف مصادرها، توحّدت في التعبير عن التضامن مع الجيش. رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أكّد في بيانه أنّ الشهداء سطّروا أروع معاني التضحية، فيما شدّد رئيس الحكومة نواف سلام على أنّ الجيش هو “صمّام الأمان وحصن السيادة”. أما رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، فرأى في دماء الشهداء دعامة لاستمرار المؤسسة العسكرية في مهامها “مهما غلت التضحيات”.
الدعم لم يقتصر على الداخل، إذ عبّرت الأمم المتحدة عبر قائد “اليونيفيل” اللواء ديوداتو أبانيارا عن تقديرها لصمود الجيش أمام “تحديات ومخاطر كبيرة”. كما أرسل الموفد الأميركي توم برّاك برقية تعزية باسم الرئيس دونالد ترامب، مؤكدًا وقوف واشنطن إلى جانب لبنان. وبرز أيضًا موقف السعودية التي أشادت بجهود الجيش لبسط سيادة الدولة على كامل أراضيها.
لكن خلف هذه البيانات التضامنية، يطفو السؤال الجوهري، هل يشكّل هذا الحادث دافعًا لتسريع مسار حصر السلاح غير الشرعي ووضعه تحت سلطة الدولة، أم أنّه سيغرق في دوامة المزايدات السياسية التي اعتادت تعطيل أي خطوة إصلاحية؟ الجواب سيتضح في الأسابيع المقبلة، حين تتكشّف نتائج التحقيق ويظهر مدى جدية القوى السياسية في التعامل مع هذا الملف الشائك.