بقلم كوثر شيا
حين يُختَزَل النزول إلى الشارع بهتاف “شيعة شيعة” أو أي شعار مذهبي آخر، فالمصيبة ليست في الكلمة بحد ذاتها، بل في العقلية التي تستبدل الانتماء الوطني بولاء مذهبي أو حزبي، فتحشد الناس كدروع بشرية لمشروع يدمّر الدولة ويمزّق المجتمع.
الشعارات المذهبية الفارغة ليست سوى تسطيح للعقل وإلغاء للمنطق، وهي اعتراف صريح بغياب الحجة وإفلاس الموقف… إفلاس فكري وسياسي يجعل الدفاع عن السلاح غير الشرعي أهم من حماية لبنان وأهله، لنعطي الأمان للمواطن فهو حق الاول والأخير في وجه حروب الآخرين على أرضنا لا فرق بين طائفة وأخرى تحت سقف القانون والدستور.
اليوم، فيما لا تزال دماء ستة من جنود الجيش اللبناني الذين سقطوا أمس في الجنوب طرية على تراب الوطن، يصبح الصمت جريمة. هؤلاء الشهداء لم يُضحّوا بأنفسهم ليبقى السلاح مشرذماً والولاء منقسماً، بل قاتلوا واستشهدوا دفاعاً عن كل شبر من لبنان، تحت علم واحد وجيش واحد.
فكيف نقبل أن تظل طرقاتنا منصات دعائية لحروب الآخرين على أرضنا، بدل أن تكون ساحات للوحدة الوطنية؟
القوانين اللبنانية واضحة في تنظيم الإعلانات واليافطات، لكن التطبيق غالباً ما يُفرّغ من مضمونه. وزارة الإعلام تحدد المعايير، والبلديات تمنح الرخص، لكن الانتماء السياسي للمجالس البلدية كثيراً ما يتحكم بما يُعلّق وما يُمنع، فيغيب القانون وتعلو رايات الانقسام.
على الطرقات الأساسية، خاصة طريق المطار، المشهد صار أشبه بسباق نفوذ بصري، يتباهى فيه كل طرف بلونه وشعاره، في تحدٍ مباشر لفئة أخرى من اللبنانيين، وكأن الأرض ملكٌ لحزب أو طائفة لا للوطن كله.
لقد آن الأوان لنقول بوضوح: كفى. لنرفع أعلام لبنان على طول طرقاتنا، وخاصة في مداخل العاصمة، بدل صور القادة والشعارات الحزبية. تخيّلوا لو أن طريق المطار، بدلاً من أن يستقبل القادمين بلوحات انقسامية، كان يمتد على جانبيه مئات الأمتار من الأعلام اللبنانية، ترفرف في الهواء وتحمل رسالة سلام ووحدة… مشهد كفيل بأن يقول للعالم: نحن شعب واحد، تحت راية واحدة، في وطن واحد.
تنظيم الإعلانات واليافطات في لبنان
يخضع تنظيم الإعلانات في لبنان لعدة جهات حسب نوع الطريق ومكان التعليق:
- وزارة الأشغال العامة مسؤولة عن الطرق الدولية والرئيسية بين المدن، وتمنح الرخص بالتنسيق مع مجلس الإنماء والإعمار.
البلديات هي الجهة المسؤولة عن الشوارع والطرق الداخلية ضمن نطاقها، وهي التي تمنح الرخص المحلية.
وزارة الإعلام تحدد المعايير العامة للإعلانات والمحتوى، وتمنح الموافقة المبدئية قبل إصدار الرخص المحلية، لضمان التزام المحتوى بالمعايير الوطنية. - دعوة لكل ام ولكل مواطن لبناني
كلّ من قدّم شهداء في أي مكان دفاعاً عن مشروع معيّن، اليوم نطالب بأن نكرّم كل شهدائنا الغاليين على قلوب كل لبناني يحمل جنسية لبنان، وكل من ينتمي لهذا الوطن الحبيب.
الولاء الحقيقي يجب أن يكون أولاً وأخيراً للوطن، بعيداً عن المحاصصة الطائفية والمذهبية، سواء كان “شيعة شيعة” أو أي شعار آخر. لبنان وطن يضم أكثر من 19 طائفة، ولكنه لنا جميعاً جميعاً يحمل نفس الهوية الوطنية اللبنانية.
الوطن للجميع، والواجب علينا أن نرتقي فوق كل انقسام، ونعمل معاً على حماية وحدته واستقراره.
لنضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار، ولنقف صفاً واحداً خلف راية الوطن التي تجمعنا، لا التي تفرّقنا.
لننهي دورة الحروب والانقسامات التي أضعفتنا جميعاً، ونعمل معاً من أجل لبنان واحد، موحد، يحمي شعبه ويكرم دماء شهدائه بأمل جديد ومستقبل أفضل.