بقلم خلود وتار قاسم
فيكي ريحة المطر أول الخريف، وفيكي دفى قهوة الصبح على شباك بيتي المطل عالبحر.
فيكي حكايات البيوت الحجر، وضحكة الولاد بين الشوارع، وهمس الأمهات بالدعاء.
أنتِ صبر أيوب بلا انتظار، ويونس اللي رجع للنور قبل ما يضيع.
أنتِ وردة عم تصارع لتكبر بين الشقوق، وموجة ما بتعرف إلا ترجع على الشاطئ.
بيروت… يا مرآة بتعكس وجوهنا مهما غيّرنا الملامح.
أنتِ السر اللي بيخلّي التعب يصير غنّية، والحزن يصير حضن.
أنتِ القوّة اللي ما بتنقاس، والفرح اللي بيخلق نفسه من قلب الرماد.
لكن بيروت، يا نبضة ما بتنطفي… قلبك اليوم محاصر بالتحديات.
نحن أبناء وبنات العاصمة، العيون دائمًا مسلّطة علينا، وكأننا الهدف الأوضح، بينما في هذا الوطن وجوه كثيرة تدفع أثمانًا أغلى، بصمت، بلا سند يحميها.
آخر الأوجاع كان رحيل ستة من خيرة عسكريينا، ويقال “بالغلط”. أي غلط هذا الذي يعرف دائمًا أين يصيب؟!
الأثمان تتكرر لأننا سمحنا للتشتت أن يحفر في جدراننا، حتى صار العدو ليس بحاجة أن يأتي من حدودنا، بل تسلل كالنمل من شقوقنا.
بيروت تعرف أن قوتها ليست في الحجر، بل في أنفاس أهلها إذا اجتمعوا.
فالمدينة التي تفرّقها الصغائر تُهزم من الداخل قبل أن يلمسها الخارج.
وبين وجع وآخر، بيروت تذكّرنا أنها لا تريد منّا الشعر وحده، ولا الدموع، بل وعيًا يحرسها، ووحدة تصونها، وإرادة تقول بصوت واحد: كفى.